للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحَمَّلَ الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ وَهُوَ غَيْرُ عَاقِلٍ الشَّهَادَةَ وَشَهِدَ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ الْإِفَاقَةِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَإِذَا أَخْفَى زَمَانَ تَحَمُّلِهِ وَشَهِدَ يَكُونُ شَاهِدًا كَاذِبًا. وَلَا يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ وَالْعَدَالَةُ وَالْحُرِّيَّةُ فِي وَقْتِ التَّحَمُّلِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ وَقْتَ التَّحَمُّلِ صَبِيًّا عَاقِلًا أَوْ رَجُلًا غَيْرَ عَادِلٍ أَوْ عَبْدًا ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَتَابَ الرَّجُلُ وَعَتَقَ الْعَبْدُ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ الَّتِي تَحَمَّلَهَا فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ.

(ثَانِيًا) الْبَصَرُ وَقْتَ التَّحَمُّلِ وَلِذَلِكَ فَتَحَمُّلُ الْأَعْمَى غَيْرُ صَحِيحٍ، فَعَلَيْهِ إذَا تَحَمَّلَ أَحَدٌ شَهَادَةً فِي حَالِ الْعَمَى ثُمَّ أَصْبَحَ بَصِيرًا وَشَهِدَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَإِذَا كَتَمَ زَمَانَ تَحَمُّلِهِ وَشَهِدَ كَانَ كَاذِبًا.

(ثَالِثًا) يَكُونُ تَحَمُّلُ الْمَشْهُودِ بِهِ بِالْمُعَايَنَةِ بِنَفْسِهِ أَيْ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَايَنَ وَنَظَرَ الشَّيْءَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٦] . (الْحَمَوِيُّ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٦٨٨) فَلِذَلِكَ إذَا عَايَنَ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ بِهِ بِغَيْرِهِ أَيْ أَنَّهُ شَاهَدَ الْمَشْهُودَ بِهِ شَخْصٌ آخَرُ وَأَخْبَرَ الشَّاهِدَ فَأَدَاؤُهُ الشَّهَادَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِنَاءً عَنْ تَحَمُّلِهِ الشَّهَادَةَ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ، مَثَلًا لَوْ تَبَايَعَ شَخْصَانِ مَالًا وَلَمْ يَحْضُرْ الشَّاهِدُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ أَخْبَرَهُ رَجُلَانِ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ بِوُقُوعِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَنْ يَشْهَدَ دَعْوَى ذَلِكَ الْبَيْعِ كَأَنَّهُ شَاهِدَ الْبَيْعَ فَإِذَا شَهِدَ كَانَ كَاذِبًا فِي شَهَادَتِهِ وَإِذَا بَيَّنَ أَنَّ شَهَادَتَهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى اسْتِخْبَارِهِ مِنْ الْغَيْرِ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ.

فَلِذَلِكَ إذَا حَضَرَ رَجُلَانِ عَادِلَانِ إلَى رَجُلَيْنِ آخَرَيْنِ وَشَهِدَا لَهُمَا بِأَنَّ فُلَانًا قَدْ اسْتَوْفَى الْعِشْرِينَ دِينَارًا الْمَطْلُوبَةَ لَهُ مِنْ ذِمَّةِ فُلَانٍ فَلَيْسَ لِذَيْنِك الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ سَمِعَا هَذِهِ الشَّهَادَةَ أَنْ يَشْهَدَا عَلَى إيفَاءِ الدَّيْنِ حَيْثُ إنَّهُمَا لَمْ يُشَاهِدَا الْإِيفَاءَ بِذَاتِهِمَا كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ الدَّائِنَ بِاسْتِيفَائِهِ حَقَّهُ بِحُضُورِهِمَا كَمَا أَنَّ شُهُودَ الْأَصْلِ لَمْ يَأْمُرَاهُمَا بِالشَّهَادَةِ لِتَجُوزَ شَهَادَتُهُمَا بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ بِسَبَبِ غَيْبَةِ شُهُودِ الْأَصْلِ مُدَّةَ السَّفَرِ. كَذَلِكَ إذَا تَحَمَّلَ رَجُلَانِ شَهَادَةً بِمُعَايَنَتِهِمَا أَنَّ زَيْدًا أَقْرَضَ عَمْرًا عِشْرِينَ دِينَارًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا ثُمَّ شَهِدَ لَهُمَا رَجُلَانِ بِأَنَّ زَيْدًا قَدْ أَبْرَأَ عَمْرًا مِنْ الْعِشْرِينَ دِينَارًا الْمَطْلُوبَةِ لَهُ فَلَيْسَ لِلشَّاهِدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَنْ يَمْتَنِعَا بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الشَّهَادَةِ الْوَاقِعَةِ لَهُمَا عَنْ الشَّهَادَةِ عَنْ اقْتِرَاضِ عَمْرٍو مِنْ زَيْدٍ الْعِشْرِينَ دِينَارًا مَا لَمْ يُعَايِنَا بِالذَّاتِ الْإِبْرَاءَ أَوْ الِاسْتِيفَاءَ أَوْ أَنْ يُقِرَّ الدَّائِنُ بِحُضُورِهِمَا الْإِبْرَاءَ وَالِاسْتِيفَاءَ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ يَعْلَمَانِ سَبَبَ الْوُجُوبِ وَوُجُوبَ الْمَالِ وَلَا يَسْقُطُ تَحَمُّلُهُمَا هَذَا إلَّا بِالْحُجَّةِ وَلَا تَكُونُ الشَّهَادَةُ الْوَاقِعَةُ بِحُضُورِهِمَا حُجَّةً لِعَدَمِ اتِّصَالِهَا بِالْحُكْمِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٦٧٦ ١) .

وَهَذِهِ الْمُعَايَنَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: يَكُونُ بِمُعَايَنَةِ السَّبَبِ الْمَوْضُوعِ لِلْمِلْكِيَّةِ كَرُؤْيَةِ أَحَدٍ آخَرَ يَشْتَرِي مَالًا أَوْ يَتَّهِبُ وَيَقْبِضُهُ ثُمَّ يَشْهَدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ مِلْكُهُ. كَذَلِكَ إذَا حَضَرَ أَحَدٌ عَقْدَ إيجَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَسَمِعَ الْعَقْدَ بِإِذْنِهِ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ. كَذَلِكَ لَوْ رَأَى بِعَيْنِهِ أَنَّ رَجُلًا أَقْرَضَ آخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ لِذَلِكَ الرَّجُلِ فِي ذِمَّةِ الرَّجُلِ الْآخَرِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>