بِإِثْبَاتِ حَقِّ أَحَدٍ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَمُوَاجَهَةِ الْخَصْمَيْنِ، وَيُقَالُ لِلْمُخْبِرِ: شَاهِدٌ، وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ: مَشْهُودٌ لَهُ، وَلِلْمَخْبَرِ عَلَيْهِ: مَشْهُودٌ عَلَيْهِ، وَلِلْحَقِّ: مَشْهُودٌ بِهِ) الشَّهَادَةُ هِيَ الْإِخْبَارُ صِدْقًا عَنْ يَقِينٍ وَعِيَانٍ بِلَفْظٍ مِنْ الشَّهَادَةِ. يَعْنِي بِقَوْلِ: أَشْهَدُ بِإِثْبَاتِ حَقِّ أَحَدٍ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَمُوَاجَهَةِ الْخَصْمَيْنِ، وَيُقَالُ لِلْمُخْبِرِ: شَاهِدٌ، وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ: مَشْهُودٌ لَهُ، وَلِلْمُخْبَرِ عَلَيْهِ: مَشْهُودٌ عَلَيْهِ، وَلِلْحَقِّ: مَشْهُودٌ بِهِ.
إيضَاحُ الْقُيُودِ: حَقُّ أَحَدٍ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ (١) وَيَخْرُجُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حَسَبَ مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (١٥٧٢) هُوَ إخْبَارُ الْإِنْسَانِ عَنْ حَقٍّ عَلَيْهِ لِآخَرَ.
(٢) تَخْرُجُ الدَّعْوَى، لِأَنَّ الدَّعْوَى كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (١٦١٣) هِيَ إخْبَارُ أَحَدٍ عَنْ حَقِّهِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي. حَقُّهُ: وَيَخْرُجُ بِذَلِكَ الْإِخْبَارُ عَنْ أَمْرٍ حَادِثٍ لِلْقَاضِي فِي مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .
مَثَلًا إذَا جَاءَ الْمُحْضَرُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي وَأَخْبَرَ الْقَاضِيَ قَائِلًا: إنَّ نَائِبَك قَدْ بَاعَ أَمْوَالَ فُلَانٍ الْيَتِيمِ فَلَا يَكُونُ هَذَا الْإِخْبَارُ مِنْ قَبِيلِ الشَّهَادَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ الْمُحْضَرُ الْقَاضِيَ مِنْ قَبِيلِ الْحَوَادِثِ بِأَنَّ فُلَانًا قَالَ كَذَا فَلَا يَكُونُ هَذَا الْإِخْبَارُ شَهَادَةً.
حُضُورُ الْقَاضِي: أَيْ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَبِهَذِهِ الْعِبَارَةِ وَيَخْرُجُ الْإِخْبَارُ الْوَاقِعُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِخْبَارَ لَيْسَ بِشَهَادَةٍ (أَبُو السُّعُودِ) .
فِي مُوَاجَهَةِ الْخَصْمَيْنِ: وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ وَمَنْ الْأَلْفَاظِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَادَّتَيْنِ (١٦١٨ و ١٨١٣) أَنَّهُ يُشْتَرَطُ حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ حُضُورُ الْخَصْمَيْنِ.
بِلَفْظِ أَشْهَدُ: إذْ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ يَعْنِي أَنَّ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ يُقْصَرُ عَلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِأَلْفَاظٍ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى تَحْقِيقِ شَيْءٍ بِعِلْمٍ وَيَقِينٍ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ هُوَ مُوَافِقٌ لِلَّفْظِ الْوَارِدِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَمَا أَنَّهُ يُوجَدُ إجْمَاعٌ عَلَى تَعْيِينِ اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَعَلَى عَدَمِ جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِغَيْرِ ذَلِكَ اللَّفْظِ كَمَا أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا يَخْلُو مِنْ التَّعَبُّدِ (الْبَحْرُ) .
الْكِتَابُ: وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ} [الطلاق: ٢] {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: ٢٨٣] وَأَمْثَالُهُمَا مِنْ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ كَمَا أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ وَرَدَ فِيهَا «إذَا عَلِمْتَ مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ وَإِلَّا فَدَعْ» وَلَعَلَّ السِّرَّ فِي تَعْيِينِ اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ لِلشَّهَادَةِ هُوَ أَنَّ الشَّهَادَةَ اسْمٌ عَنْ الْمُشَاهَدَةِ وَلَمَّا كَانَتْ الْمُشَاهَدَةُ عِبَارَةً عَنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى الشَّيْءِ عِيَانًا فَلِذَلِكَ شُرِطَ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ الَّذِي يُنْبِئُ عَنْ الْمُشَاهَدَةِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالتَّصْرِيفَاتِ الْأُخْرَى كَلَفْظِ " شَهِدْتُ " بَدَلًا مِنْ لَفْظِ " أَشْهَدُ " بَلْ إنَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute