فَلِذَلِكَ لَوْ أَشَارَتْ الزَّوْجَةُ إلَى وَلَدٍ وَقَالَتْ لِزَوْجِهَا: إنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِنْك وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ وِلَادَةَ الزَّوْجَةِ لِذَلِكَ الْوَلَدِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ الْمُجَرَّدُ بَلْ يَجِبُ شَهَادَةُ قَابِلَةٍ وَشَهَادَةُ قَابِلَتَيْنِ أَحْوَطُ. فَإِذَا شَهِدَتْ الْقَابِلَةُ عَلَى وِلَادَةِ الزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ الزَّوْجِ مَا لَمْ يُجْرَ اللِّعَانُ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي النَّسَبِ بِزِيَادَةٍ) فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِالِاتِّفَاقِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي جَمِيعِهَا الشَّهَادَةُ (الْجَوْهَرَةُ) .
٥ - الْإِرْثُ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْإِرْثِ أَيْ فِي الْمَالِ عَلَى اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَقَدْ جَاءَ فِي الْبَهْجَةِ أَنَّهُ قَدْ أُفْتِيَ مِنْ مَشَايِخِ الْمُسْلِمِينَ بِعَدَمِ جَوَازِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ عَلَى اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ فِي حَقِّ الْإِرْثِ إلَّا أَنَّ ابْنَ كَمَالٍ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ هُوَ الْأَرْجَحُ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَوْتَهُ يَقَعُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَعِنْدَهَا لَا تَحْضُرُ الرِّجَالُ فَكَانَ كَشَهَادَتِهِنَّ عَلَى نَفْسِ الْوِلَادَةِ (الشِّبْلِيُّ) .
٦ - إذَا شَهِدَتْ النِّسَاءُ عَلَى الْقَتْلِ الَّذِي وَقَعَ فِي حَمَّامِ النِّسَاءِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ فِي حَقِّ الدِّيَةِ حَتَّى لَا يَذْهَبَ دَمُ الْإِنْسَانِ هَدَرًا وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى الْقِصَاصِ (الْحَمَوِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .
مَثَلًا، لَوْ شَهِدَتْ النِّسَاءُ فَقَطْ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ قَدْ قَتَلَتْ فُلَانَةَ فِي الْحَمَّامِ عَمْدًا بِآلَةٍ جَارِحَةٍ فَيُحْكَمُ عَلَى الْقَاتِلَةِ بِالدِّيَةِ وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِالْقِصَاصِ.
النِّسَاءُ. قَدْ ذُكِرَتْ النِّسَاءُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَكُنَّ اثْنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ فِي شَهَادَتِهِنَّ مَعْنَى الْإِلْزَامِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ فِيهَا إلَى النِّصَابِ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الذُّكُورَةِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الشَّهَادَاتِ هُوَ لِأَجْلِ تَخْفِيفِ النَّظَرِ بِسَبَبِ نَظَرِ الْجِنْسِ أَخَفُّ وَلِهَذَا السَّبَبِ وَالْعِلَّةِ قَدْ سَقَطَ الْعَدَدُ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ قَدْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ عَدَدُهُنَّ أَرْبَعًا (الْبَحْرُ) .
أَمَّا السُّؤَالُ الَّذِي يَرِدُ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ قَدْ وَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَأَنَّهُ يَجِبُ لِذَلِكَ أَلَّا تُقْبَلَ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فَهُوَ غَيْرُ وَارِدٍ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ الَّذِي فِيهِ أَدَاةُ التَّعْرِيفِ يُقْصَدُ فِيهِ الْجِنْسُ وَلِذَلِكَ فَيَتَنَاوَلُ الْأَقَلَّ وَهُوَ الْوَاحِدُ (الْبَحْرُ) .
شَهَادَةُ الرِّجَالِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ لَهُمْ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا. إذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَاحِدٌ عَلَى خُصُوصٍ كَالْوِلَادَةِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَقَدْ بَيَّنَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَجِبُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يُبَيِّنَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ قَدْ رَأَى الْوِلَادَةَ تَصَادُفًا وَمِنْ غَيْرِ قَصْدٍ أَمَّا إذَا بَيَّنَ الشَّاهِدُ بِأَنَّهُ نَظَرَهَا تَعَمُّدًا فَحَيْثُ إنَّهُ يَكُونُ قَدْ نَظَرَ إلَى شَيْءٍ مُحَرَّمٍ وَمَمْنُوعٍ فَيَكُونُ فَاسِقًا وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ وَلَوْ ذَكَرَ بِأَنَّهُ نَظَرَ ذَلِكَ تَعَمُّدًا مَا دَامَ الشَّاهِدُ عَادِلًا؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ ضَرُورَةٌ لِلنَّظَرِ لِإِحْيَاءِ الْحُقُوقِ، وَقَدْ أَفْتَى فِي كِتَابِ الْفَتْوَى الْمُسَمَّى بِالنَّتِيجَةِ بِهَذَا الْقَوْلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالشِّبْلِيُّ) .
شَهَادَةُ النِّسَاءِ. قَدْ اُخْتُلِفَ فِي شَرْطِ لُزُومِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ فَعِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِيهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ هِيَ إخْبَارٌ أَيْ مِنْ قَبِيلِ الْمَادَّةِ (١٦٨٩) أَمَّا سَائِرُ الْفُقَهَاءِ فَقَدْ بَيَّنُوا أَنَّ قَبُولَ الشَّهَادَةِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ يَلْزَمُ فِيهَا سَائِرُ شَرَائِطِ الشَّهَادَةِ كَالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute