الْمَجَلَّةَ لَمْ تَقْبَلْ هَذِهِ الْفَتْوَى (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) أَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى شَرَائِطِ الْوَقْفِ مُسْتَقِلًّا أَيْ بِدُونِ أَنْ تَكُونَ دَاخِلَةً ضِمْنَ أَصْلِ الْوَقْفِ فَجَائِزَةٌ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَمَّا الْقَوْلُ الصَّحِيحُ وَالْمُفْتَى بِهِ فَعَدَمُ جَوَازِهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .
كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فِي حَقِّ التَّوْلِيَةِ مَثَلًا؛ لَوْ ضُبِطَ عَقَارُ وَقْفٍ مَشْرُوطٍ لِجِهَةٍ فَادَّعَى أَحَدُ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ بِأَنَّ الْوَاقِفَ قَدْ وَقَفَ غَلَّةَ ذَلِكَ الْعَقَارِ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَشَهِدَ بَعْضُ النَّاسِ بِالتَّسَامُعِ عَلَى مُدَّعَاهُ فَلَا تُقْبَلُ.
فَعَلَيْهِ إذَا ثَبَتَ أَصْلُ الْوَقْفِ بِالتَّسَامُعِ وَلَمْ تَثْبُتْ شَرَائِطُهُ وَجِهَةُ صَرْفِهِ فَتُصْرَفُ غَلَّةُ الْوَقْفِ لِلْفُقَرَاءِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ لَوْ اسْتَمَعَ الْقَاضِي شَهَادَةَ التَّسَامُعِ عَلَى التَّوْلِيَةِ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهَا فَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ صَحِيحًا وَمُعْتَبَرًا (الْبَهْجَةُ) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَصْلِ الْوَقْفِ وَشَرَائِطِهِ فِي هَذَا الْبَابِ. هُوَ: أَنَّ أَصْلَ الْوَقْفِ يَبْقَى عُصُورًا فَيَشْتَهِرُ أَمَّا شَرَائِطُهُ فَحَيْثُ إنَّهَا تَتَبَدَّلُ فَلَا تَشْتَهِرُ (الزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرُ) .
وَأَصْلُ الْوَقْفِ هُوَ الْأَشْيَاءُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَيْهَا صِحَّةُ الْوَقْفِ. مَثَلًا، لَوْ ادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ عَلَى عَقَارٍ فِي يَدِ آخَرَ أَنَّهُ مَالُ الْوَقْفِ وَادَّعَى وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الْعَقَارِ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ بِدُونِ أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِهِ وَأَنْكَرَ دَعْوَى الْمُتَوَلِّي فَإِذَا شَهِدَ شُهُودٌ عَلَى مُدَّعَى الْمُتَوَلِّي بِالتَّسَامُعِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ.
مُسْتَثْنًى - إنَّ جَوَازَ الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ فِي حَقِّ أَصْلِ الْوَقْفِ وَفِي حَالَةِ عَدَمِ اسْتِنَادِ ذِي الْيَدِ عَلَى تَصَرُّفِهِ بِأَحَدِ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ. أَمَّا إذَا كَانَ تَصَرُّفُ ذِي الْيَدِ مُسْتَنِدًا إلَى سَبَبٍ شَرْعِيٍّ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالْإِرْثِ وَكَانَ مُنْكِرًا الْوَقْفِيَّةَ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ بَلْ يَجِبُ إثْبَاتُ تَسْجِيلِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ وَارِثِ الْوَقْفِ الْغَيْرِ الْمُسَجَّلِ جَائِزٌ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ التَّسْجِيلُ فَيُحْمَلُ بِأَنَّهُ وَإِنْ وَقَفَ الْعَقَارَ فِي الْأَصْلِ إلَّا أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُسَجِّلْ فَقَدْ أَبْطَلَ الْوَاقِفُ أَوْ وَارِثُهُ الْوَقْفِيَّةَ بِرَأْيِ الْقَاضِي وَاسْتَقَرَّ فِي مِلْكِهِ وَالشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى التَّسْجِيلِ غَيْرُ جَائِزَةٍ.
مَثَلًا؛ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ عَقَارًا مِنْ آخَرَ وَتَصَرَّفَ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِيَّةِ فَادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ أَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ هُوَ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ فَشَهِدَ شُهُودٌ عَلَى دَعْوَى الْمُتَوَلِّي بِالتَّسَامُعِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَعَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يُثْبِتَ تَسْجِيلَ الْوَقْفِ لِلْحُكْمِ بِوَقْفِيَّتِهِ.
أَمَّا إذَا اعْتَرَفَ الْمُتَصَرِّفُ بِوَقْفِيَّةِ الْعَقَارِ وَأَنَّ الْوَقْفِيَّةَ قَدْ أُبْطِلَتْ بِسَبَبٍ عَارِضٍ وَأَنَّ الْعَقَارَ قَدْ أَصْبَحَ فِي تَصَرُّفِهِ فَيُصْبِحُ الْمُتَوَلِّي فِي حُكْمِ ذِي الْيَدِ وَالْمُتَصَرِّفُ خَارِجًا فَإِذَا أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ الَّذِي.
وَقَعَ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِالْوَقْفِيَّةِ فَتَبْقَى فِي يَدِهِ وَإِلَّا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ وَيُحْكَمُ بِالْوَقْفِ (هَامِشُ الْبَهْجَةِ وَالْفَيْضِيَّةُ) .
شَرَائِطُ الْوَقْفِ: هِيَ الْأُمُورُ الَّتِي لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صِحَّةُ الْوَقْفِ (الْبَحْرُ) .
مَثَلًا؛ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ كَذَا مِقْدَارًا مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ مَشْرُوطٌ لِلْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَمِقْدَارُ كَذَا مِنْهَا