للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْإِخْبَارُ لِلشَّاهِدِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ فَعَلَيْهِ إذَا قَالَ رَجُلَانِ لِرَجُلٍ: إنَّنَا نَشْهَدُ أَنَّ الْمَحَلَّ الْفُلَانِيَّ هُوَ وَقْفٌ مَشْرُوطٌ لِلْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ فَلِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى وَقْفِ الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ أَمَامَ الْقَاضِي أَمَّا إذَا كَانَ الْخَبَرُ حَصَلَ لَهُ بِدُونِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ؛ وَيُقَالُ لِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ بِقَوْلِهِ: سَمِعْتُ شَهَادَةَ سَمَاعٍ أَوْ شَهَادَةً بِالتَّسَامُعِ.

(وَالتَّسَامُعُ) لُغَةً عِبَارَةٌ عَنْ النَّقْلِ عَنْ الْغَيْرِ وَشَرْعًا الِاشْتِهَارُ. وَالِاشْتِهَارُ وَالشُّهْرَةُ عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - الشُّهْرَةُ الْحَقِيقِيَّةُ تَحْصُلُ الشُّهْرَةُ الْحَقِيقِيَّةُ بِإِخْبَارِ جَمَاعَةٍ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَؤُلَاءِ الْمُخْبِرِينَ الْعَدَالَةُ وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ بَلْ يُشْتَرَطُ التَّوَاتُرُ فَقَطْ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) .

النَّوْعُ الثَّانِي - الشُّهْرَةُ الْحُكْمِيَّةُ. وَتَحْصُلُ بِإِخْبَارِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ أَوْ بِإِخْبَارِ رَجُلٍ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ عَادِلَتَيْنِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ (الْخَيْرِيَّةُ وَالْقُهُسْتَانِيُّ وَالْخَانِيَّةُ فِي فَصْلٍ فِي الشَّاهِدِ يَشْهَدُ بَعْدَ الْخَبَرِ بِزَوَالِ الْحَقِّ) .

وَأَشْهَدَ بِهِ - وَيُشَارُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ إلَى أَنَّهُ وَإِنْ جَازَتْ الشَّهَادَةُ سَمَاعًا عَلَى الْوَقْفِ إلَّا أَنَّهَا لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ بِالْوَقْفِ (الْخَيْرِيَّةُ) فَعَلَيْهِ إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ قَائِلًا: إنَّنِي أَشْهَدُ أَنَّ الْمَحَلَّ الْفُلَانِيَّ وَقْفٌ؛ لِأَنَّنِي سَمِعْت ذَلِكَ مِنْ ثِقَةٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَمَّا إذَا قَالَ: إنَّنِي أَشْهَدُ أَنَّنِي سَمِعْت مِنْ ثِقَةٍ أَنَّ الْمَحَلَّ الْفُلَانِيَّ وَقْفٌ فَلَا تُقْبَلُ. فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى تَكُونُ الشَّهَادَةُ عَلَى وَقُفْيَةِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ تَكُونُ شَهَادَةً عَلَى السَّمَاعِ بِالْوَقْفِيَّةِ.

وَكَانَ يَجِبُ أَنْ تَذْكُرَ فِقْرَةً وَلَكِنْ إذَا شَهِدَ (بِكَوْنِ مَحَلًّا وَقْفًا إلَخْ) بَعْدَ الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ عَلَى أَنَّهَا مُسْتَثْنًى لَهَا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الدُّرَرِ فَتَكُونُ كَمَا يَأْتِي: (تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالسَّمَاعِ فِي خُصُوصَاتِ الْوِلَايَةِ وَأَصْلِ الْوَقْفِ وَالْمَوْتِ وَالنَّسَبِ بِدُونِ تَفْسِيرِ الشَّهَادَةِ بِالسَّمَاعِ مِنْ ثِقَةٍ أَيْ بِدُونِ ذِكْرِ لَفْظِ السَّمَاعِ إلَّا أَنَّهُ إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ عَلَى كَوْنِ مَحَلٍّ وَقْفًا أَوْ عَلَى وَفَاةِ أَحَدٍ قَائِلًا: سَمِعْت ذَلِكَ مِنْ ثِقَةٍ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَوْ قَالَ: أَشْهَدُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّنِي سَمِعْت ذَلِكَ مِنْ ثِقَةٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالسَّمَاعِ فِي الْوَقْفِ وَالْمَوْتِ جَائِزَةٌ سَوَاءٌ فَسَّرَ الشَّاهِدُ وَجْهَ الشَّهَادَةِ أَوْ لَمْ يُفَسِّرْ، أَمَّا فِي الْآخَرِينَ فَالشَّهَادَةُ بِالسَّمَاعِ جَائِزَةٌ بِلَا تَفْسِيرٍ وَغَيْرُ جَائِزَةٍ مَعَ التَّفْسِيرِ، وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ اسْتِحْسَانًا فِي خُصُوصِ الْوِلَايَةِ وَأَصْلِ الْوَقْفِ وَالنِّكَاحِ وَالْمَهْرِ وَالدُّخُولِ بِالزَّوْجَةِ وَالْعِتْقِ وَالْوَلَاءِ وَالْمَوْتِ وَالنَّسَبِ أَيْ فِي تِسْعَةِ مَوَاضِعَ مِنْ دُونِ أَنْ يُفَسِّرَ السَّمَاعَ أَيْ بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ لَفْظَ السَّمَاعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْوَقْفِ) .

وَالْقِيَاسُ عَدَمُ جَوَازِ الشَّهَادَةِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِالرُّؤْيَةِ بِالنَّفْسِ، وَالْحَالُ أَنَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا تُوجَدُ مُشَاهَدَةٌ لِلشَّاهِدِ فَالشَّهَادَةُ عَلَى الْوِلَايَةِ مَثَلًا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مُسْتَمِعًا لِقَوْلِ السُّلْطَانِ لِآخَرَ قَدْ نَصَّبْتُك وَالِيًا عَلَى الْبِلَادِ الْفُلَانِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>