للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ مُعَايَنَةَ أَسْبَابِ هَذِهِ الْأُمُورِ مُخْتَصٌّ بِخَاصَّةِ النَّاسِ وَلَا يَحْضُرُ خَوَاصُّ وَعَوَامُّ النَّاسِ فِي ذَلِكَ كَمَا يَحْضُرُونَ فِي عُقُودِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَأَمْثَالِهَا كَمَا أَنَّ النَّاسَ مُتَّفِقُونَ فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ بِالشُّهْرَةِ الْحَقِيقِيَّةِ فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ لَأَوْجَبَ ذَلِكَ الْحَرَجَ وَالْمَشَقَّةَ وَأَدَّى إلَى تَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧ ١) (الزَّيْلَعِيّ) .

اشْتِهَارُ هَذِهِ الْأُمُورِ - يَشْتَهِرُ النَّسَبُ مَثَلًا؛ بِالتَّهْنِئَةِ وَالْمُخَاطَبَاتِ وَالْمُنَادَاةِ وَبِنِسْبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ إلَى آخَرَ وَيَشْتَهِرُ الْمَوْتُ بِالتَّعْزِيَةِ وَقِسْمَةِ التَّرِكَاتِ وَانْدِرَاسِ الْآثَارِ. وَيَشْتَهِرُ النِّكَاحُ بِشُهُودِ الْوَلَائِمِ وَالدُّخُولِ وَبِتَعَلُّقِ الْأَحْكَامِ الْمَشْهُورَةِ كَالنَّسَبِ وَالْمَهْرِ وَالْعِدَّةِ وَثُبُوتِ الْحَضَانَةِ وَيَشْتَهِرُ الْقَضَاءُ وَالْوِلَايَةُ بِقِرَاءَةِ الْمَنْشُورِ وَبِاخْتِلَافِ وَازْدِحَامِ الْخُصُومِ فَلِهَذِهِ الْأَسْبَابِ قَدْ اُعْتُبِرَتْ الشُّهْرَةُ الْحَقِيقِيَّةُ بِمَنْزِلَةِ الْعِيَانِ وَعَلَيْهِ فَلَا تُشْتَرَطُ الْمُشَاهَدَةُ.

مِنْ دُونِ أَنْ يُفَسِّرَ - أَمَّا إذَا فَسَّرَ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِي غَيْرِ الْمَوْتِ وَالْوَقْفِ. مَثَلًا لَوْ فَسَّرَ الشَّاهِدُ فِي دَعْوَى النَّسَبِ قَائِلًا: قَدْ سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ النَّاسِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الْآنَ الشَّاهِدُ إذَا سَكَتَ عَنْ التَّفْسِيرِ يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي فَإِذَا فَسَّرَ الشَّاهِدُ فَلَا يَتَوَجَّهُ قَلْبُ الْقَاضِي إلَى تَصْدِيقِهِ وَلِهَذَا كَانَتْ الْمَرَاسِيلُ مِنْ الْأَخْبَارِ أَقْوَى مِنْ الْمَسَانِيدِ (الدُّرَرُ) وَالْمُرْسَلُ مِنْ الْأَخْبَارِ هُوَ أَنْ يَتْرُكَ الْوَاسِطَةَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّسُولِ وَيَقُولَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِ الْمُسْنَدِ.

قَدْ فُصِّلَ الْوَقْفُ وَالْمَوْتُ فِي الْأُمُورِ الْجَائِزَةِ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فِيهَا وَنُفَصِّلُ الْآنَ مَسَائِلَ أُخْرَى: الْوِلَايَةُ - تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى الْوِلَايَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ وِلَايَةَ وَالٍ أَوْ وِلَايَةَ قَاضٍ أَلَا يُرَى بِأَنَّنَا نَشْهَدُ عَلَى قَضَاءِ شُرَيْحُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (الْخَيْرِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَتُعْلَمُ الْوِلَايَةُ بِقِرَاءَةِ مَنْشُورِ التَّعْيِينِ وَبِدُخُولِ وَخُرُوجِ أَصْحَابِ الْمَصَالِحِ إلَى الشَّخْصِ الَّذِي يُدْعَى وَالِيًا كَمَا أَنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي تُعْلَمُ بِجُلُوسِ أَحَدٍ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَبِدُخُولِ وَخُرُوجِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى مَجْلِسِهِ وَبِفَصْلِهِ فِي الْخُصُومَاتِ (الدُّرَرُ وَالزَّيْلَعِيّ) .

وَيَلْحَقُ عِلْمُ الشَّاهِدِ بِالْوِلَايَةِ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ يُعَايِنَ الشَّاهِدُ التَّقْلِيدَ بِالذَّاتِ فَإِذَا شَاهَدَ أَحَدٌ السُّلْطَانَ يَقُولُ لِأَحَدِ خَوَاصِّهِ: قَدْ نَصَّبْتُك وَالِيًا لِلْوِلَايَةِ الْفُلَانِيَّةِ. فَلِلشَّاهِدِ الَّذِي عَايَنَ ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ فُلَانًا هُوَ وَالٍ عَلَى الْوِلَايَةِ الْفُلَانِيَّةِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَرَى الشَّاهِدُ أَصْحَابَ الْمَصَالِحِ يَخْتَلِفُونَ إلَى مَجْلِسِ الشَّخْصِ الَّذِي يُدْعَى وَالِيًا فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ هُوَ الْوَالِي.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ بِالتَّسَامُعِ بَعْدَ أَنْ يَحْصُلَ لَدَيْهِ عِلْمٌ بِالشُّهْرَةِ الْحَقِيقِيَّةِ أَوْ الْحُكْمِيَّةِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ هُوَ هَذَا.

النَّسَبُ - هُوَ بِمَعْنَى مُطْلَقِ الْوَصْلَةِ بِالْقَرَابَةِ سَوَاءٌ جَازَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا كَابْنِ الْعَمِّ وَبِنْتِ الْعَمِّ أَوْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>