للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - أَنْ لَا يَكُونَ الْمَالُ مَوْجُودًا عَيْنًا فِي التَّرِكَةِ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُتَوَفَّى أَوْ تُوُفِّيَ مُجْهِلًا أَوْ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَلِفَ فِي يَدِهِ (الشِّبْلِيُّ) وَالدَّعْوَى بِهَذِهِ الصُّورَةِ هِيَ دَعْوَى دَيْنٍ وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَيَجِبُ إيجَادُ نَقْلٍ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ مُوَافِقًا لِهَذِهِ الْفِقْرَةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ نَعَمْ إنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ اخْتَلَفُوا فِي مَقْبُولِيَّةِ الشَّهَادَةِ عَلَى يَدِ الْحَيِّ وَاتَّفَقُوا فِي مَقْبُولِيَّةِ الشَّهَادَةِ عَلَى يَدِ الْمَيِّتِ فَعِنْدَ الطَّرَفَيْنِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى يَدِ الْحَيِّ فِي الْمَاضِي وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى يَدِ الْحَيِّ الْمُنْقَضِيَةِ.

مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهُ مِلْكِي وَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ كَانَ وَاضِعَ الْيَدِ عَلَى هَذَا الْمَالِ قَبْلَ شَهْرٍ فَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ لَمْ تَكُنْ شَهَادَةً بِمِلْكِ الْمُدَّعِي بَلْ هِيَ شَهَادَةٌ عَلَى وَضْعِ يَدِهِ السَّابِقِ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ وَضْعَ يَدِ الْمُدَّعِي السَّابِقِ كَمَا أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِيَّةِ يُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ وَدِيعَةً أَوْ مُسْتَعَارًا أَوْ مَأْجُورًا أَوْ مَغْصُوبًا فَالشَّهَادَةُ تَكُونُ وَاقِعَةً عَلَى الْمَجْهُولِ فَفِيهَا شَكٌّ وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالشَّكِّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالشِّبْلِيُّ) فَلِذَلِكَ لَا يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يُعِيدَ ذَلِكَ الْمَالَ إلَى الْمُدَّعِي الثَّابِتَةِ يَدُهُ قَدِيمًا حَيْثُ إنَّهُ ثَابِتٌ وَضْعَ يَدِ الْوَاضِعِ الْيَدَ فِي الْحَالِ بِالْمُعَايَنَةِ أَمَّا وَضْعُ يَدِ الطَّرَفِ الْآخَرِ فَهُوَ ثَابِتٌ بِالشُّهُودِ وَالْأَوَّلُ أَقْوَى مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ بِالْعَيْنِ تُفِيدُ عِلْمَ الْيَقِينِ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَتُفِيدُ غَلَبَةَ الظَّنِّ (الزَّيْلَعِيّ) .

أَمَّا فِي الثَّلَاثِ الصُّوَرِ الْآتِيَةِ فَيُحْكَمُ بِإِعَادَةِ ذَلِكَ الْمَالِ إلَى وَاضِعِ الْيَدِ الْأَوَّلِ وَهِيَ:

١ - إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَحْدَثَ يَدَهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُحْكَمُ بِالْإِعَادَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّ» (الزَّيْلَعِيّ) .

٢ - إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْيَدَ لِلْمُدَّعِي.

٣ - إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْيَدَ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ حَاصِلَ ذَلِكَ جَهَالَةُ الْمُقِرِّ بِهِ وَهِيَ لَا تَمْنَعُ صُحُفَ الْإِقْرَارِ بَلْ يَصِحُّ وَيَلْزَمُهُ الْبَيَانُ (الشِّبْلِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٥٧٩) وَشَرْحَهَا.

وَلَكِنْ لَا يَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَحْكُومًا بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَوْ أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ هَذِهِ الْإِعَادَةِ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مَالُهُ وَمِلْكُهُ فَلَهُ أَخْذُهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي فَالشَّهَادَةُ عَلَى الْيَدِ الْمُنْقَضِيَةِ مَقْبُولَةٌ. فَعَلَيْهِ إذَا ثَبَتَتْ الْيَدُ الْمُنْقَضِيَةُ يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِعَادَةِ الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ إلَى الْوَاضِعِ الْيَدَ عَلَيْهِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْعِيَانِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ حَيْثُ إنَّهُ لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِوَضْعِ يَدِ الْمُدَّعِي السَّابِقِ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ بِإِعَادَةِ الْمَالِ لِلْمُدَّعِي فَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي وَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَخَذَهُ أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَوْدَعَ أَوْ أَعَارَ ذَلِكَ الْمَالَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَوْ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى مِلْكِ الْمُدَّعِي وَيُحْكَمُ بِإِعَادَةِ الْمَالِ لِلْمُدَّعِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>