دِرْهَمًا فِي دَارِي الْفُلَانِيَّةِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّهُ أَقْرَضَهُ الدَّرَاهِمَ الْمَذْكُورَةَ فِي السُّوقِ الْفُلَانِيِّ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَلِكَ لَوْ ذَكَرَتْ الشُّهُودُ أَوْصَافَ الْمَغْصُوبِ بِقَوْلِهِمْ مَثَلًا: إنَّ أُذُنَ الدَّابَّةِ الْمَغْصُوبَةِ مَشْقُوقَةٌ ثُمَّ أُحْضِرَ الْحَيَوَانُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ فَظَهَرَ أَنَّ أُذُنَهُ غَيْرُ مَشْقُوقَةٍ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ قَدْ ذَكَرُوا شَيْئًا غَيْرَ مُحْتَاجٍ لَهُ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ فَالْخِلَافُ فِي مِثْلِهِ لَا يُوجِبُ خَلَلَ الشَّهَادَةِ (الْخَانِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَشْيَاءُ لَا يُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهَا فَذِكْرُهَا وَالسُّكُوتُ عَنْهَا سَوَاءٌ (الْقَاعِدِيَّةُ) .
الْقَيْدُ الثَّانِي - شَرْطُ الْمُوَافَقَةِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ. أَمَّا الشَّهَادَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِحُقُوقِ اللَّهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ فِي الْحُقُوقِ الْمَذْكُورَةِ سَبْقُ الدَّعْوَى، وَأَصْبَحَ وُجُودُ الدَّعْوَى وَعَدَمُهَا مُتَسَاوِيًا فَلَا يَكُونُ عَدَمُ الْمُوَافَقَةِ مُوجِبًا لِرَدِّ الشَّهَادَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) مَثَلًا لَوْ ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ قَائِلَةً: إنَّ زَوْجِي قَدْ وَكَّلَ فُلَانًا بِطَلَاقِي وَقَدْ طَلَّقَنِي الْوَكِيلُ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ طَلَّقَهَا بِالذَّاتِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
الْحَالُ الثَّالِثُ - أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ غَيْرَ مُوَافِقَةٍ لِلدَّعْوَى لَفْظًا وَمَعْنًى وَفِي هَذِهِ الْحَالِ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ، فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ بِأَنَّهُ أَوْفَى دَيْنَهُ مُقَسَّطًا لِلدَّائِنِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْإِيفَاءِ الْمُطْلَقِ بِقَوْلِهِمْ: بِأَنَّ الْمَدِينَ أَوْفَى الدَّيْنَ لِلدَّائِنِ أَوْ عَلَى إيفَاءِ الْكُلِّ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الطَّحْطَاوِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ) .
كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ مِنْ مَالِكِهَا هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ اشْتَرَى تِلْكَ الدَّارَ مِنْ زَيْدٍ وَكِيلِ هَذَا الْمَالِكِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَنَّ زَيْدًا قَدْ بَاعَ تِلْكَ الدَّارَ فُضُولًا لِلْمُدَّعِي وَقَدْ أَجَازَ هَذَا الْبَيْعَ مَالِكُ تِلْكَ الدَّارِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْهِنْدِيَّةُ) .
تَتِمَّةٌ فِي حَقِّ تَصْحِيحِ الشَّاهِدِ شَهَادَتَهُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ بِقَوْلِهِ قَدْ أَخْطَأْت فِي بَعْضِ شَهَادَتِي: إذَا قَالَ الشَّاهِدُ بَعْدَ شَهَادَتِهِ فِي دَعْوَى قَبْل خُرُوجِهِ مِنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي: إنَّنِي أَخْطَأْت فِي بَعْضِ شَهَادَتِي يَعْنِي بِقَوْلِهِ قَدْ زِدْت بَاطِلًا خَطَأً أَوْ نَسِيت شَيْئًا يَجِبُ أَنْ أَقُولَهُ، فَإِذَا كَانَ عَادِلًا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يُبْتَلَى بِالْغَلَطِ لِمَهَابَةِ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَلِذَا فَعُذْرُهُ ظَاهِرٌ، فَإِذَا تَدَارَكَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي نُقْصَانَهُ وَصَحَّحَ شَهَادَتَهُ الْأُولَى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَيُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِ الثَّانِيَةِ حَسَبَ قَوْلِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ.
مَثَلًا إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَالَ بَعْدَ شَهَادَتِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي إنَّنِي غَلِطْت فِي خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ يُحْكَمُ بِالْخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ الْبَاقِيَةِ؛ لِأَنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ كَحُدُوثِهِ عِنْدَ الشَّهَادَةِ. وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا هِيَ حَقٌّ لِلْمُدَّعِي وَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِهَا وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمُدَّعِي بِرُجُوعِ الشَّاهِدِ عَنْ شَهَادَتِهِ، أَمَّا إذَا جَاءَ الشَّاهِدُ بَعْدَ مَجْلِسِ الشَّهَادَةِ وَقَالَ ذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ هَذَا فِي مَوْضِعِ التُّهْمَةِ إذْ مِنْ الْجَائِزِ أَنَّ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ قَدْ رَشَاهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْضِعَ تُهْمَةٍ فَلَا بَأْسَ فِي إعَادَةِ الْكَلَامِ، فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَذْكُرْ الشَّاهِدُ لَفْظَ الشَّهَادَةِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ تَرَكَ الْإِشَارَةَ إلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقِيَامِ مِنْ الْمَجْلِسِ وَأَعَادَهُ فَإِذَا كَانَ شَاهِدَ عَدْلٍ وَمَأْمُونًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الزَّيْلَعِيّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute