كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ وَالدَّيْنِ وَالْقَرْضِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْوَصِيَّةِ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا لِقَبُولِ شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلِاخْتِلَافِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ، مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَدَّى دَيْنَهُ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّهُ أَدَّاهُ فِي بَيْتِهِ وَالْآخَرُ شَهِدَ بِأَنَّهُ أَدَّاهُ فِي حَانُوتِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا. وَأَمَّا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ بِقَوْلِهِ: كُنْت بِعْتنِي هَذَا الْمَالَ بِكَذَا دَرَاهِمَ فَسَلِّمْنِي إيَّاهُ، وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهُ فِي الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهُ فِي الْحَانُوتِ الْفُلَانِيِّ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يُكَرَّرُ وَلَا يُعَادُ وَلَكِنَّ الْقَوْلَ يُمْكِنُ أَنْ يُكَرَّرَ وَيُعَادَ) .
إذَا أَوْجَبَ اخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي الشَّيْءِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمَشْهُودِ بِهِ الِاخْتِلَافَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ حَسَبَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَإِلَّا فَتُقْبَلُ وَتَتَفَرَّعُ عَنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ:
فَعَلَيْهِ إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِالْفِعْلِ فِي زَمَانٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَكَانٍ مُعَيَّنٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْفِعْلِ فِي زَمَانٍ آخَرَ أَوْ مَكَانٍ آخَرَ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْفِعْلِ الصِّرْفِ كَالْغَصْبِ وَإِيفَاءِ الدَّيْنِ وَالْجِنَايَةِ وَالْقَتْلِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ وَتَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوْ الْقَوْلِ الَّذِي يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ الْفِعْلُ كَالنِّكَاحِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا هَذَا يُوجِبُ الِاخْتِلَافَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ (الزَّيْلَعِيّ وَأَبُو السُّعُودِ) ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي يَكُونُ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان يَكُونُ غَيْرَ الْفِعْلِ الَّذِي جَرَى فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان آخَرَ فَيَكُونُ الْمَشْهُودُ بِهِ مُخْتَلِفًا (الْبَحْرُ) . مَثَلًا لَوْ غَصَبَ زَيْدٌ مَالَ عَمْرٍو فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ غَصَبَهُ فِي شَهْرِ شَوَّالٍ فَيُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَيْنِ الْغَصْبَيْنِ: فَفِي الْأَوَّلِ تَجِبُ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَفِي الثَّانِي أَيْ بَعْدَ أَنْ يُعِيدَ الْغَاصِبُ الْمَالَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَيَغْتَصِبَهُ ثَانِيَةً فِي شَوَّالٍ تَجِبُ قِيمَتُهُ فِي شَوَّالٍ، كَذَلِكَ الِاخْتِلَافُ فِي الْقَوْلِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الْفِعْلُ لِصِحَّةِ الْمَشْهُودِ بِهِ مَانِعٌ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ كَالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَوْلٌ وَتَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى الْفِعْلِ وَهُوَ حُضُورُ أَوْ إحْضَارُ الشُّهُودِ، وَلِذَلِكَ فَاخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فِي ذَلِكَ مَانِعٌ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِمْ (الْبَحْرُ) .
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ:
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْإِقْرَارِ وَالصُّلْحِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ وَالدَّيْنِ وَالْقَرْضِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْوَصِيَّةِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْقَذْفِ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا لِقَبُولِ شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلِاخْتِلَافِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ (الزَّيْلَعِيّ وَلِسَانُ الْحُكَّامِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان غَيْرَ الْقَوْلِ الَّذِي يَكُونُ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان آخَرَ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ الْمَشْهُودُ بِهِ مُخْتَلِفًا، مَثَلًا لَوْ بَاعَ زَيْدٌ دَارِهِ الْمُعَيَّنَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ إلَى عَمْرٍو فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَهُ بَيْعُ تِلْكَ الدَّارِ لَهُ فِي شَهْرِ شَوَّالٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ إذْ إنَّ هَذَا الْبَيْعَ الثَّانِيَ عَيْنُ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَلَا يُفِيدُ حُكْمًا أَزِيدَ مِنْ ذَلِكَ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٧٦) . كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ زَيْدٌ فِي بَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute