للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَبْحَثُ الثَّانِي فِي بَيَانِ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وُجُودًا وَعَدَمًا

٢ - يُشْتَرَطُ وُجُودُ عُذْرٍ فِي وَقْتِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ مَانِعٍ لِحُضُورِ الْأَصْلِ مَجْلِسَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ فَرْضٌ عَلَى الْأَصْلِ وَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ إلَّا بِالْعَجْزِ يَعْنِي أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ إنَّمَا تَكُونُ جَائِزَةً لِلضَّرُورَةِ وَالضَّرُورَةُ تَتَحَقَّقُ عِنْدَ وُجُودِ الْمَانِعِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالزَّيْلَعِيّ) .

وَهَذَا الْعُذْرُ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ:

أَوَّلًا: الْمَرَضُ يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ الْأَصْلُ مَرِيضًا بِصُورَةٍ لَا يَكُونُ مَعَهَا قَادِرًا عَلَى حُضُورِ مَجْلِسِ الْقَاضِي.

ثَانِيًا: الْبُعْدُ مَسَافَةَ السَّفَرِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ الْأَصْلُ فِي مَحَلِّ سَفَرٍ بَعِيدٍ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَكْفِي بُعْدُ الشَّاهِدِ عَنْ حُضُورِ مَجْلِسِ الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا بِدَرَجَةٍ لَا يُمْكِنُهُ الذَّهَابُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي وَأَنْ يَرْجِعَ وَيَبِيتَ مَعَ أَهْلِهِ وَقَدْ رَجَّحَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَعَلَيْهَا الْفَتْوَى (الْبَحْرُ وَأَبُو السُّعُودِ) .

ثَالِثًا: أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ الْأَصْلُ مَحْبُوسًا وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَحْبُوسًا وَلَيْسَ فِي اقْتِدَارِ الْقَاضِي تَرْخِيصُهُ مِنْ مَحْبِسِ الْوَالِي لِيَحْضُرَ مَجْلِسَ الْقَاضِي وَيَشْهَدَ فَتَجُوزَ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ.

رَابِعًا: وَفَاةُ الْأَصْلِ يَعْنِي إذَا تُوُفِّيَ الشَّاهِدُ الْأَصْلُ فَلِلشَّاهِدِ الْفَرْعِ أَنْ يَشْهَدَ.

خَامِسًا: أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ امْرَأَةً مُخَدَّرَةً وَهِيَ الَّتِي لَا تَخْتَلِطُ بِالرِّجَالِ وَلَوْ كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا لِرُؤْيَةِ مَصَالِحِهَا أَوْ لِلِاسْتِحْمَامِ (أَبُو السُّعُودِ وَالزَّيْلَعِيّ) .

وَيُشْتَرَطُ وُجُودُ أَحَدِ هَذِهِ الْأَعْذَارِ وَقْتَ الْأَدَاءِ وَلَيْسَ وَقْتَ الْإِشْهَادِ فَلِذَلِكَ لَوْ شَهِدَ الشَّاهِدُ الْأَصْلُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْذُورًا بِعُذْرٍ فَيَصِحُّ وَلِلشَّاهِدِ الْفَرْعِ بَعْدَ حُدُوثِ الْعُذْرِ وَالْمَانِعِ أَنْ يُوَفِّيَ الشَّهَادَةَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .

٣ - يُشْتَرَطُ أَنْ يَحْمِلَ الْأَصْلُ الْفَرْعُ الشَّهَادَةَ وَأَنْ يَقْبَلَ الْفَرْعُ أَوْ يَسْكُتَ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ تُزِيلُ وِلَايَةَ الشُّهُودِ الْأَصْلِيِّينَ فِي حَقِّ تَنْفِيذِ قَوْلِهِمْ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَهِيَ ضَرَرٌ عَلَى الشَّاهِدِ الْأَصْلِ فَتَحْتَاجُ إلَى إنَابَتِهِ وَالتَّحَمُّلِ مِنْهُ (الدُّرَرُ) وَكَيْفِيَّةُ التَّحْمِيلِ تُبَيَّنُ فِي الْمَبْحَثِ الرَّابِعِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا أَشْهَدَ الشَّاهِدُ الْأَصْلُ الْفَرْعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَرَدَّ الْفَرْعُ بِقَوْلِهِ: لَا أَقْبَلُ أَوْ لَا أَشْهَدُ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الْفَرْعِ أَنْ يَشْهَدَ مِنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ، وَلَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِدُونِ التَّحْمِيلِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ حِينَ إشْهَادِ الْأَصْلِ الْفَرْعَ رَجُلَانِ وَسَمِعَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِشَهَادَةِ الْأَصْلِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) .

مُسْتَثْنًى - تَصِحُّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَتِيَّةِ الذِّكْرِ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَةِ الْغَيْرِ بِدُونِ الْإِشْهَادِ، وَهِيَ لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>