للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلْفِ دِرْهَمٍ وَزَكَّوْا سِرًّا وَعَلَنًا وَقَبْل أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي بِالدَّعْوَى تَصَالَحَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَكْلِيفٍ مِنْ الْقَاضِي أَوْ بِلَا تَكْلِيفٍ عَلَى الْمَبْلَغِ الْمُدَّعَى بِهِ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ الصُّلْحِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ ضَمَانٌ (الْهِنْدِيَّةُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) .

فِي حُضُورِ الْقَاضِي، وَشَرْطُ الرُّجُوعِ أَنْ يَكُونَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٧٣١) .

إذَا رَجَعَ - وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الرُّجُوعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ مَسْأَلَتَانِ:

١ - أَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ كُلِّ الشَّهَادَةِ صَحِيحٌ كَمَا أَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ بَعْضِهَا صَحِيحٌ أَيْضًا اُنْظُرْ مَادَّةَ (٦٤) . مَثَلًا: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ دَارًا هِيَ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي وَبَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ وَالْحُكْمِ قَالَ الشُّهُودُ: إنَّ عَرْصَةَ تِلْكَ الدَّارِ هِيَ لِلْمُدَّعِي وَبِنَاؤُهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ الشُّهُودُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ قَدْ أَتْلَفُوا الْبِنَاءَ فَقَطْ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الدَّعْوَى) .

٢ - جَوَازُ الرُّجُوعِ مُطْلَقًا - وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ سَوَاءٌ كَانَتْ عَدَالَةُ الشُّهُودِ وَقْتَ الرُّجُوعِ مُسَاوِيَةً لِعَدَالَتِهِمْ وَقْتَ الشَّهَادَةِ أَوْ كَانَتْ أَعْلَى أَوْ أَدْنَى (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ كَلَامُ الشُّهُودِ مُتَنَاقِضًا وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالْكَلَامِ الْمُتَنَاقِضِ فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا نَقْضُ الْحُكْمِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الصِّدْقِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ تَرَجَّحَ الْكَلَامُ الْأَوَّلُ بِالْحُكْمِ الزَّيْلَعِيّ كَمَا أَنَّ الرُّجُوعَ لَيْسَ بِشَهَادَةٍ حَتَّى أَنَّهُ لَا يَتَحَرَّى فِيهِ لَفْظَ الشَّهَادَةِ وَلِذَلِكَ فَالْحُكْمُ الَّذِي يَثْبُتُ بِشَهَادَةٍ لَا يَبْطُلُ بِالرُّجُوعِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبِيلِ الشَّهَادَةِ الشِّبْلِيُّ.

الْمَالُ الَّذِي تَلِفَ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ - وَفِي لُزُومِ تَضْمِينِ ذَلِكَ لِلشُّهُودِ شَرْطَانِ:

الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ التَّلَفُ حَاصِلًا بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ فَقَطْ وَعَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ تَلَفُ الْمَحْكُومِ بِهِ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ الْمُجَرَّدَةِ بَلْ حَصَلَ التَّلَفُ بِانْضِمَامِ أَمْرٍ آخَرَ فَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي لَهُ صِفَتَانِ وَيَثْبُتُ حُكْمٌ فِيهِ مِنْ أَجْلِ عِلَّةٍ وَاحِدَةٍ يُضَافُ الْحُكْمُ إلَى الْوَصْفِ الْمَوْجُودِ أَخِيرًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٩٠) (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالْبَهْجَةِ) .

بَعْضُ مَسَائِلَ مُتَفَرِّعَةٍ عَنْ ذَلِكَ:

أَوَّلًا - الْإِفْلَاسُ: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الْإِبْرَاءِ وَبَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَوَفَاةِ الْمَدِينِ مُفْلِسًا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فَلَا يَلْزَمُهُمْ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ تَلَفَ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَحْصُلْ بِمُجَرَّدِ شَهَادَةِ الشُّهُودِ زُورًا بَلْ حَصَلَ بِوَفَاةِ الْمَدِينِ مُفْلِسًا.

ثَانِيًا - الْوَفَاةُ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا هُوَ ابْنُ فُلَانٍ وَبَعْدَ صُدُورِ الْحُكْمِ بِذَلِكَ تُوُفِّيَ الْأَبُ وَوَرِثَهُ الِابْنُ وَأَخَذَ مَالًا مِنْ التَّرِكَةِ فَرَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْمَذْكُورِ مَالًا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ لَمْ يَكُنْ بِمُجَرَّدِ شَهَادَةِ الزُّورِ بَلْ كَانَ بِوَفَاةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>