وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ قَبْلَ حُلُولِ تِلْكَ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَ مُرُورِهَا، وَكَذَلِكَ الْقَاضِي الْمَنْصُوبُ فِي قَضَاءٍ يَحْكُمُ فِي جَمِيعِ مَحَلَّاتِ ذَلِكَ الْقَضَاءِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي قَضَاءٍ آخَرَ، وَالْقَاضِي الْمَنْصُوبُ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ فِي مَحْكَمَةٍ مُعَيَّنَةٍ يَحْكُمُ فِي تِلْكَ الْمَحْكَمَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَكَذَلِكَ لَوْ صَدَرَ أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ بِأَنْ لَا تُسْمَعَ الدَّعْوَى الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْخُصُوصِ الْفُلَانِيِّ لِمُلَاحَظَةٍ عَادِلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَمِعَ تِلْكَ الدَّعْوَى وَيَحْكُمَ بِهَا، أَوْ كَانَ الْقَاضِي بِمَحْكَمَةٍ مَأْذُونًا بِاسْتِمَاعِ بَعْضِ الْخُصُوصَاتِ الْمُعَيَّنَةِ وَلَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا بِاسْتِمَاعِ مَا عَدَا ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَسْمَعَ الْخُصُوصَاتِ الَّتِي أَذِنَ بِهَا فَقَطْ وَأَنْ يَحْكُمَ فِيهَا وَلَيْسَ لَهُ اسْتِمَاعُ مَا عَدَاهَا وَالْحُكْمُ بِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ صَدَرَ أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ بِالْعَمَلِ بِرَأْيِ مُجْتَهِدٍ فِي خُصُوصٍ لِمَا أَنَّ رَأْيَهُ بِالنَّاسِ أَرْفَقُ وَلِمَصْلَحَةِ الْعَصْرِ أَوْفَقُ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْمَلَ بِرَأْيِ مُجْتَهِدٍ آخَرَ مُنَافٍ لِرَأْيِ ذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ، وَإِذَا عَمِلَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ) .
يَتَقَيَّدُ وَيَتَخَصَّصُ الْقَضَاءُ بِصُوَرٍ خَمْسٍ: بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَبِبَعْضِ الْخُصُوصَاتِ، وَبِاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْأَشْخَاصِ وَالْعَمَلِ بِقَوْلِ مُجْتَهِدٍ فِي الْمَسَائِلِ الْخِلَافِيَّةِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ وَكِيلٌ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ لِإِجْرَاءِ الْمُحَاكَمَةِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَالْوَكَالَةُ تَتَقَيَّدُ بِالْقَيْدِ وَالشَّرْطِ الَّذِي يُقَيِّدُهَا الْمُوَكِّلُ إنَّ الْمَادَّةَ الْآنِفَةَ هِيَ بِحُكْمِ السَّبَبِ وَالْعِلَّةِ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ كَمَا أَنَّ الْقَضَاءَ قَابِلٌ لِلتَّعْلِيقِ وَالْإِضَافَةِ كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٣) . تَقْيِيدُ الْقَضَاءِ بِالزَّمَانِ، مَثَلًا الْقَاضِي الْمَأْمُورُ بِالْحُكْمِ بِمُدَّةِ سَنَةٍ يَحْكُمُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ قَبْلَ حُلُولِ تِلْكَ السَّنَةِ فَإِذَا حَكَمَ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَاضِيًا قَبْلَ حُلُولِ السَّنَةِ، وَيُنَصَّبُ فِي زَمَانِنَا قُضَاةٌ لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ فِي ابْتِدَاءِ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الْقَاضِي الْمَنْصُوبِ أَنْ يَحْكُمَ قَبْلَ حُلُولِ مُحَرَّمِ تِلْكَ السَّنَةِ كَمَا أَنَّ نُوَّابَ الشَّرْعِ بِتَارِيخِ هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ نَصْبُهُمْ يَجْرِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ أَنَّهُ فِي سَنَةِ كَذَا فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا يُوَجِّهُ نِيَابَةَ قَضَاءِ الْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّةِ إلَى شَخْصٍ وَلَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَحْكُمَ قَبْلَ حُلُولِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ أَمَّا الْآنَ فَقَدْ رُفِعَ التَّوْقِيتُ وَأَصْبَحَ يُوَجَّهُ الْقَضَاءُ مُنَجَّزًا.
وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بَعْدَ مُرُورِ تِلْكَ السَّنَةِ فَإِذَا حَكَمَ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ بِمُرُورِ السَّنَةِ قَدْ انْعَزَلَ عَنْ الْقَضَاءِ، أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا يُقَيَّدُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْمِثَالِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْقَضَاءُ بَاطِلًا بَعْدَ مُرُورِ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ قَضَاءَ الْحَرَمَيْنِ يُقَيَّدُ فِي زَمَانِنَا بِاعْتِبَارِ مَبْدَأِ التَّعْيِينِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بِاعْتِبَارِ الِانْتِهَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute