بِأَحَدِ أَفْرَادِ أَهَالِي الْقَضَاءِ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يُعَيِّنْ مَوْلًى أَوْ حَكَمًا فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ فَلَا يَصِحُّ حُكْمُهُ وَلَا يَنْفُذُ، وَفِي زَمَانِنَا جَمِيعُ الْقَضَاءِ مُقَيَّدٌ بِالْمَكَانِ وَقَدْ قَصَرَ وَخَصَّصَ وِلَايَةَ كُلِّ قَاضٍ مِنْ الشَّرْعِ بِقَضَاءٍ مَخْصُوصٍ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِقَاضِي قَضَاءٍ أَنْ يَحْكُمَ فِي قَضَاءٍ آخَرَ. مَثَلًا لِقَاضِي دِمِشْقَ أَنْ يَحْكُمَ فِي دِمَشْقَ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي الْقَضَاءِ الْمُلْحَقِ بِمَرْكَزِ الْوِلَايَةِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي الْأَلْوِيَةِ الْمُلْحَقَةِ بِالْوِلَايَةِ كَمَا أَنَّ قَاضِي قَضَاءَ حِمْصَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ ضَمِنَ قَضَاءِ حِمْصَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي قَضَاءِ حَمَاةَ. مُسْتَثْنًى - إذَا صَدَرَ حُكْمٌ مِنْ قَاضٍ وَنَقَضَ الْحُكْمَ تَمْيِيزًا وَعَهِدَ بِفَصْلِ الْقَضِيَّةِ إلَى قَاضٍ آخَرَ بِمُوجَبِ حُكْمِ مَجْلِسِ التَّدْقِيقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ حَيْثُ قَدْ صَدَرَتْ الْإِرَادَةُ السُّنِّيَّةُ بِذَلِكَ وَقَدْ بَيَّنْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُفَصِّلًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٤٩) . الْقَاضِي الْمَنْصُوبُ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ فِي مُحْكَمَةٍ مُعَيَّنَةٍ يَحْكُمُ فِي تِلْكَ الْمَحْكَمَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَلَا يُوجَدُ تَقْيِيدٌ فِي زَمَانِنَا مِثْلَ هَذَا التَّقْيِيدِ الْوَارِدِ فِي هَذَا الْمِثَالِ.
تَقْيِيدُ الْقَضَاءِ بِاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْخُصُوصَاتِ: لَوْ صَدَرَ أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ بِأَنْ لَا تُسْمَعَ الدَّعْوَى الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْخُصُوصِ الْفُلَانِيِّ لِمُلَاحَظَةٍ عَادِلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَمِعَ تِلْكَ الدَّعْوَى وَيَحْكُمَ بِهَا فَإِذَا حَكَمَ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَاضِيَ لَمْ يَكُنْ قَاضِيًا فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ فَلِذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي مَسْأَلَةِ وُجُودِ نَهْيٍ عَنْ رُؤْيَةِ تِلْكَ الدَّعْوَى فَإِذَا أَثْبَتَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ النَّهْيَ فَلَا يَسْمَعُ الْقَاضِي الدَّعْوَى وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاضِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٩ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَهَذِهِ الْخُصُوصَاتُ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: خُصُوصَاتٌ عَامَّةٌ، وَإِنَّ الْمَادَّةَ ١٦٦٠ وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ حَيْثُ قَدْ مُنِعَ الْقُضَاةُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى الَّتِي تَرَكَتْ عَشْرَ أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَهَذَا عَامٌّ مَهْمَا كَانَ الطَّرَفَانِ فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ هِيَ خُصُوصَاتٌ عَامَّةٌ بِاعْتِبَارِ الطَّرَفَيْنِ. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ تَقْيِيدِ الْقَضَاءِ بِاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْخُصُوصَاتِ:
١ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّنِي أَطْلُبُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي أَقْرَضْت لَك قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَيَقُولُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي لَا أَسْمَعُ دَعْوَاك وَيَرُدُّ دَعْوَاهُ فَعَلَيْهِ إذَا اسْتَمَعَ الْقَاضِي بَيِّنَةً مِنْ الْمُدَّعِي بِدَاعِي عَدَمِ ادِّعَاءِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وُجُودَ مُرُورِ الزَّمَانِ الْمَانِعِ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى وَحَكَمَ بَعْدَ التَّزْكِيَةِ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَيَكُونُ حُكْمُهُ بَاطِلًا لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي بِاعْتِبَارِهِ قَاضِيًا أَنْ يَسْتَمِعَ هَذِهِ الدَّعْوَى أَمَّا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي مِنْ قِبَلِ الْخَصْمَيْنِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَمِعَ هَذِهِ الدَّعْوَى بِاعْتِبَارِهِ حَكَمًا (الْحَمَوِيُّ) لِأَنَّ عَدَمَ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى الَّتِي فِيهَا مُرُورُ زَمَنٍ هُوَ وَاقِعٌ بِالْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ وَهَذَا الْمَنْعُ هُوَ خَاصٌّ فِي حَقِّ الْقَاضِي وَلَيْسَ فِي حَقِّ الْحَكَمِ.
٢ - قَدْ مُنِعَ الْقُضَاةُ مِنْ تَسْجِيلِ وَقْفِ الْمَدِينِ بِإِرَادَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ فَلِذَلِكَ إذَا وَقَفَ مَدِينٌ مَالَهُ وَلَوْ فِي حَالِ صِحَّتِهِ بِقَصْدِ تَهْرِيبِ أَمْلَاكِهِ مِنْ دَائِنِيهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ يَكْفِي لِأَدَاءِ دَيْنِهِ فَلِلدَّائِنِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute