للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا دَعَاوَى الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ وَالْأَرْشِ وَالْقِصَاصِ وَالْغُرَّةِ وَحُكُومَةِ الْعَدْلِ وَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالنَّفَقَةِ وَالْوَقْفِ فَاسْتِمَاعُهَا عَائِدٌ لِلْمَحَاكِمِ الشَّرْعِيَّةِ فَقَطْ وَلَا تُسْمَعُ تِلْكَ الدَّعَاوَى فِي الْمَجَالِسِ الْأُخْرَى الْقِسْمُ الثَّانِي: الْخُصُوصَاتُ الْخَاصَّةُ فَالْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْهَا هِيَ: أَوَّلًا - لَوْ صَدَرَ أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ (بِأَنْ لَا تُسْمَعَ دَعْوَى فُلَانٍ) . ثَانِيًا - لَوْ صَدَرَ أَمْرُ سُلْطَانٍ ب (أَنْ لَا تُسْمَعَ دَعْوَى فُلَانٍ إلَى الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ) فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْمَعَ تِلْكَ الدَّعْوَى إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِذَا اسْتَمَعَ الْقَاضِي تَيْنِكَ الدَّعْوَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ. ثَالِثًا - لَوْ صَدَرَ أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ ب (أَنْ لَا يُنَصَّبَ بَعْدَ فُلَانٍ نَائِبًا لِلْقَاضِي) فَعَيَّنَهُ قَاضِي بَلْدَةٍ نَائِبًا عَنْهُ فَاسْتَمَعَ بَعْضَ الدَّعَاوَى وَحَكَمَ بِهَا لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ. رَابِعًا - الْمَوْلَى، لَوْ تَعَيَّنَ مَوْلًى مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ لَأَنْ يَفْصِلَ مَثَلًا دَعْوَى الْأَرَاضِي الْمُتَكَوِّنَةِ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَلِلْمَوْلَى الْمَذْكُورِ فَقَطْ أَنْ يَفْصِلَ فِي تِلْكَ الدَّعْوَى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْصِلَ دَعَاوَى الْأَشْخَاصِ الْآخَرِينَ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْصِلَ الدَّعَاوَى الْأُخْرَى الْمُتَكَوِّنَةَ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو.

تَقْيِيدُ الْقَضَاءِ بِالْعَمَلِ بِقَوْلِ مُجْتَهِدٍ فِي الْمَسَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ الْخِلَافِيَّةِ: كَذَلِكَ لَوْ صَدَرَ أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ بِالْعَمَلِ بِرَأْيِ مُجْتَهِدٍ أَيْ بِاجْتِهَادِ مُجْتَهِدٍ فِي خُصُوصٍ لِمَا أَنَّ رَأْيَهُ بِالنَّاسِ أَرْفَقُ وَلِمَصْلَحَةِ الْقُطْرِ أَوْفَقُ فَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِرَأْيِ وَاجْتِهَادِ ذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ.

وَقَدْ وَرَدَ فِي تَقْرِيرِ الْمَجَلَّةِ (أَنَّهُ مِنْ الْوَاجِبِ الْعَمَلُ بِأَمْرِ إمَامِ الْمُسْلِمِينَ بِالْعَمَلِ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُجْتَهِدِ فِيهَا) فَعَلَى ذَلِكَ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْمَلَ بِرَأْيِ مُجْتَهِدٍ آخَرَ مُنَافٍ لِرَأْيِ ذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ فَإِذَا عَمَلَ وَحَكَمَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَاضِي غَيْرَ مَأْذُونٍ بِالْحُكْمِ بِمَا يُنَافِي ذَلِكَ الرَّأْيَ فَلَمْ يَكُنْ الْقَاضِي قَاضِيًا لِلْحُكْمِ بِالرَّأْيِ الْمَذْكُورِ. وَالْمَذَاهِبُ الْمَشْهُورَةُ هِيَ الْحَنَفِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَالْمَالِكِيُّ وَالْحَنْبَلِيُّ وَلَمَّا كَانَ أَكْثَرُ رَعَايَا الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ مُتَمَذْهِبِينَ بِالْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ فَقَدْ أَمَرَ قُضَاةُ الشَّرْعِ بِالْحُكْمِ بِمُوجَبِ الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ وَيُوجَدُ فِي الْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ وَالْيَمَنِ مُسْلِمُونَ مُتَمَذْهِبُونَ بِالْمَذَاهِبِ الْأُخْرَى أَمَّا الْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَكَوَّنُ بَيْنَ الْأَهَالِيِ الْمُقَلِّدَةِ لِلْمَذَاهِبِ الْأُخْرَى وَيُرَى مُنَاسِبًا فَصْلُهَا تَوْفِيقًا لِأَحْكَامِ مَذْهَبِهِمْ فَلَهُمْ أَنْ يُعَيِّنُوا الْحُكْمَ لِيَفْصِلَ فِي دَعَاوِيهِمْ وَلِهَذَا الْحَكَمِ أَنْ يَحْكُمَ بِمُوجَبِ أَحْكَامِ الْمَذْهَبِ الْمَنْسُوبِ لَهُ وَهَذَا الْحُكْمُ يَصْدُقُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ الْمَنْصُوبِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ.

وَقَدْ قُسِّمَ الْمُجْتَهِدُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ - مُجْتَهِدٌ فِي الشَّرْعِ كَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَهُمْ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالْحَنْبَلِيُّ. الثَّانِي - مُجْتَهِدٌ فِي الْمَذْهَبِ كَالْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَسَائِرِ الْأَصْحَابِ الْحَنَفِيَّةِ. الثَّالِثُ - مُجْتَهِدٌ فِي الْمَسَائِلِ كَالْخَصَّافِ وَالطَّحْطَاوِيِّ وَالْكَرْخِيِّ وَالْحَلْوَانِيِّ وَالسَّرَخْسِيُّ وَالْبَزْدَوِيُّ وَقَاضِي خَانْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>