للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعِبَارَةُ مُجْتَهِدٍ الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ هِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ بِمَعْنًى يَشْمَلُ الْمُجْتَهِدِينَ الثَّلَاثَةَ. إذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ قُضَاةَ الشَّرْعِ بِالْعَمَلِ بِالْمَذَاهِبِ الْأُخْرَى فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ فَيَصِحُّ الْأَمْرُ وَتَجِبُ الطَّاعَةُ لَهُ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِمَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ وَلَا مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ بِيَقِينٍ. وَطَاعَةُ أُولِي الْأَمْرِ فِي مِثْلِهِ وَاجِبَةٌ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْقَضَاءِ) . وَقَدْ أَمَرَ السَّلَاطِينُ الْعُثْمَانِيُّونَ الْقُضَاةَ بِالْعَمَلِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ بِغَيْرِ الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ فَمَثَلًا لَا يَجُوزُ فِي الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الْمَفْقُودِ الَّذِي لَا يُخْشَى خَرَابُهُ لَكِنَّ السُّلْطَانَ سُلَيْمَانَ قَدْ أَمَرَ بِبَيْعِ عَقَارِ الْمَفْقُودِ، وَالْقُضَاةُ الْحَنَفِيَّةُ يَحْكُمُونَ حَتَّى الْآنَ بِمُوجَبِ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ لَوْ ظَهَرَتْ حَيَاةُ الْمَفْقُودِ بَعْدَ بَيْعِ الْعَقَارِ فَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَمَّا إذَا بِيعَ الْعَقَارُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَلِمَفْقُودٍ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥٨) (مَعْرُوضَاتُ أَبِي السُّعُودِ بِزِيَادَةٍ) . إنَّ مَنَافِعَ الْمَغْصُوبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ مُطْلَقًا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ الْمُجْتَهِدِ فِي الشَّرْعِ وَالْإِمَامَيْنِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ الْمُجْتَهِدَيْنِ فِي الْمَذْهَبِ إلَّا أَنَّ مُتَأَخِّرِي الْفُقَهَاءِ أَهْلُ التَّخْرِيجِ وَالتَّرْجِيحِ الْحَنَفِيَّةِ شَاهَدُوا تَعَدِّيَ النَّاسِ عَلَى أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ وَالْأَوْقَافِ فَافْتُوَا بِلُزُومِ الضَّمَانِ فِيهِمَا قَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ (٣٩ و ٥٩٦) إلَّا أَنَّ الْإِفْتَاءَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى فَتْوَى الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ الْمُجْتَهِدِ فِي الشَّرْعِ وَإِنَّ الْقَوْلَ الَّذِي قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ بِعَدَمِ ضَمَانِ مَنَافِعِ الْمَغْصُوبِ فِيمَا عَدَا الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ وَأَمْوَالِ الْأَوْقَافِ وَالْأَيْتَامِ فَيُؤْمَلُ قَرِيبًا أَنْ يُعْمَلَ بِقَوْلِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ بِسَبَبِ زِيَادَةِ التَّعَدِّي عَلَى الْحُقُوقِ فَتُصْبِحُ مَنَافِعُ الْمَغْصُوبِ مَضْمُونَةً.

وَقَدْ مَرَّ فِي الْمَجَلَّةِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى التَّقْيِيدِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ، وَقَدْ صَارَ بَيَانُهَا وَتَوْضِيحُهَا أَثْنَاءَ الشَّرْحِ إلَّا أَنَّهُ مِنْ الْفَائِدَةِ ذِكْرُ بَعْضِ أَمْثِلَةٍ هُنَا. أَوَّلًا - قَدْ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٧٩) مِنْ الْمَجَلَّةِ إذَا كَانَ الْإِيجَابُ وَاحِدًا لَا يَتَعَدَّدُ الْبَيْعُ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ فَقَطْ حَسَبَ قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامَانِ بِتَعَدُّدِهِ إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ قَبِلَتْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ. ثَانِيًا - قَدْ قَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ بِعَدَمِ جَوَازِ خِيَارِ الشَّرْطِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَأَمَّا الْإِمَامَانِ فَقَدْ قَالَا بِجَوَازِ خِيَارِ الشَّرْطِ مَهْمَا بَلَغَ مِنْ الْأَيَّامِ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ مَعْلُومَةً وَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ فِي الْمَادَّةِ (٣٠٠) قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ. ثَالِثًا: تَنْعَقِدُ الْإِقَالَةُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بِصِيغَةِ الْمَاضِي وَالْآخَرُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي عَلَى رَأْيِ الشَّيْخَيْنِ كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٩١) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَلَا تَنْعَقِدُ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ قَوْلَ الشَّيْخَيْنِ. رَابِعًا - قَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ فِي لُزُومِ الِاسْتِصْنَاعِ قَوْلَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٣٩٢) خَامِسًا - إذَا أَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ إجَارَةَ الْفُضُولِيِّ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةٍ مِنْ الْإِجَارَةِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَعُودُ بَدَلُ الْإِجَارَةِ الَّذِي يَخُصُّ مُدَّةً قِيلَ الْإِجَارَةُ لِلْفُضُولِيِّ وَبَدَلُ الْإِجَارَةِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>