للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَلْزَمُ الْمُدَّعِي حَسَبَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَنْ يُقَرِّرَ دَعْوَاهُ وَأَنْ يُوَضِّحَهَا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُعَاوِنَ الْمُدَّعِي فِي تَصْحِيحِ دَعْوَاهُ كَمَا أَنَّهُ إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى الْمُحَاسَبَةَ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ بَيَانِ الْمُدَّعَى بِهِ وَإِظْهَارِهِ وَامْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يُجْبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُحَاسَبَةِ لِأَنَّ مُعَاوَنَةَ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي فِي تَصْحِيحِ دَعْوَاهُ فِيهِ تُهْمَةٌ لِلْقَاضِي وَانْكِسَارٍ لِقَلْبِ الطَّرَفِ الْآخَرِ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَمَرَ الْقَاضِي أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمَ الْمُدَّعِيَ - الَّذِي لَا يَعْلَمُ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةَ - الْخُصُومَةَ وَعَلَّمَهُ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَنْصُوبٌ لِلنَّظَرِ فِي أُمُورِ الْعِبَادِ وَالنَّظَرُ فِي هَذَا الْأَمْرِ هُوَ إحْيَاءٌ لِلْحُقُوقِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الَّذِي عَلِمَ الْمُدَّعِي الْخُصُومَةَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ " وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ ".

كَذَلِكَ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُعِينَ الشُّهُودَ الَّذِينَ أَقَامَهُمْ الطَّرَفَانِ فِي أَدَاءِ شَهَادَتِهِمْ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إعَانَةً لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَيُوهِمُ مَيْلَ الْقَاضِي لِأَحَدِهِمَا فَيُوجِبُ كَسْرَ قَلْبِ الْخَصْمِ الْآخَرِ إلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يَسْتَحْسِنُ إعَانَةُ الشُّهُودِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ وَقَدْ مَرَّتْ تَفْصِيلَاتُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " ١٦٨٩ ".

أَمَّا فِي مَوْضِعِ التُّهْمَةِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي إعَانَةُ الشُّهُودِ مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَلْفٍ وَخَمْسمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مُوجِبٌ لِرَدِّ الشَّهَادَةِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ " ١٧٠٨ " فَإِذَا لَقَّنَ الْقَاضِي الشُّهُودَ قَائِلًا: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ خَمْسمِائَةِ دِرْهَمٍ فَفَهِمَ الشُّهُودُ مَغْزَاهُ وَشَهِدُوا بِأَنَّ الْمُدَّعِي أَبْرَأَهُ مِنْ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَبَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالًّا فَلَا يَجُوزُ هَذَا التَّلْقِينُ وَالتَّوْفِيقُ " الشِّبْلِيُّ " وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَاهُ قَدْ ضُبِطَتْ تَحْرِيرًا قَبْلَ الْحُضُورِ تَقْرَأُ فَيُصَدَّقُ مَضْمُونُهَا مِنْ الْمُدَّعِي وَمِنْ الْأُصُولِ وَضْعُ إمْضَاءٍ أَوْ خَتْمِ الْمُدَّعِي عَلَى مَحْضَرِ الدَّعْوَى لِلتَّصْدِيقِ وَإِذَا أَكْمَلَ الْمُدَّعِي بَعْضَ النُّقْصَانِ الْوَارِدِ فِي ضَبْطِ دَعْوَاهُ فَيَجِبُ إضَافَةُ ذَلِكَ إلَى الضَّبْطِ ثُمَّ يَنْظُرُ الْقَاضِي بَعْدَ ذَلِكَ فِي دَعْوَى الْمُدَّعِي وَفِي ذَلِكَ احْتِمَالَاتٌ ثَلَاثَةٌ:

الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَاسِدَةً وَغَيْرَ قَابِلَةٍ لِلتَّصْحِيحِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُحْتَاجُ لِأَخْذِ جَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الدَّعْوَى لِأَنَّ سَبَبَ الْجَوَابِ مَفْقُودٌ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَقُولُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي إنَّ دَعْوَاك فَاسِدَةٌ فَلَا تُسْمَعُ وَيُخْرِجُهُ مِنْ الْمَجْلِسِ.

مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ سَلَّمْت هَذَا الرَّجُلَ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَدِيعَةً وَقَدْ تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَاطْلُبْ الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِالْبَدَلِ. فَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى غَيْرُ صَحِيحَةٍ حَسَبَ الْمَادَّةِ (٧٧٧) كَمَا أَنَّهَا غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّصْحِيحِ فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِجْوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَرُدُّ الْقَاضِي دَعْوَى الْمُدَّعِي. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ وَهَبَنِي كَذَا مَالًا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْنِي إيَّاهُ فَأَطْلُبْ إجْبَارَهُ عَلَى التَّسْلِيمِ. فَبِمَا أَنَّ دَعْوَاهُ هَذِهِ حَسَبَ حُكْمِ (الْمَادَّةِ ٨٣٧) غَيْرُ صَحِيحَةٍ كَمَا أَنَّهَا غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّصْحِيحِ فَيَرُدُّ الْقَاضِي الدَّعْوَى بِدُونِ اسْتِجْوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>