الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ: أَوَّلًا - يُشْتَرَطُ فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ مَسَافَةُ سَفَرٍ أَيْ مَسَافَةُ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَاعَةً؛ وَالْحُكْمُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (التَّنْوِيرُ) وَعَلَيْهِ فَإِرْسَالُ قَاضِيَيْنِ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا تِلْكَ الْمَسَافَةُ كِتَابًا حُكْمِيًّا غَيْرُ جَائِزٍ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَيَجُوزُ لِلْقُضَاةِ أَنْ يُرْسِلُوا لِبَعْضِهِمْ كِتَابًا حُكْمِيًّا وَلَوْ كَانُوا فِي مَدِينَةٍ وَاحِدَةٍ مَثَلًا لَوْ كَانَ شَخْصٌ قَاضِيًا عَلَى قِسْمٍ مِنْ بَلْدَةٍ وَآخَرُ قَاضِيًا عَلَى الْقِسْمِ الْآخَرِ مِنْهَا فَلَهُمَا إرْسَالُ كِتَابٍ حُكْمِيٍّ إلَى بَعْضِهِمَا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَيَجُوزُ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ عَلَى مَسَافَةٍ بِحَيْثُ إذَا كَانَ شُهُودُ الْأَصْلِ فِي مَكَان لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ الْعَوْدَةِ إلَى بُيُوتِهِمْ فِي مَسَاءِ ذَلِكَ الْيَوْمِ فِيمَا إذَا أَرَادُوا الذَّهَابَ لِلشَّهَادَةِ فِي مَحَلِّ أَصْلِ الدَّعْوَى وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ بِذَلِكَ وَالْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ " الْفَتْحُ ".
ثَانِيًا - يُشْتَرَطُ أَنْ يُكْتَبَ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي الْمَنْصُوبِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْقَاضِي قَاضِيَ بَلْدَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ مَدِينَةٍ كَبِيرَةٍ وَلَا يُقْبَلُ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ الَّذِي كَتَبَهُ الْمُحَكَّمُ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ " التَّنْوِيرُ ورَدُّ الْمُحْتَارِ ". ثَالِثًا - يُشْتَرَطُ حِينَ كِتَابَةِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ أَنْ يَكُونَ لِلْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ الْوِلَايَةُ فَلِذَلِكَ لَوْ كَتَبَ الْقَاضِي الْكِتَابَ وَقَالَ فِي كِتَابِهِ (إنَّ كِتَابِي هَذَا لِكُلِّ قَاضٍ مُسْلِمٍ يَصِلُ إلَيْهِ) فَوَصَلَ ذَلِكَ الْكِتَابُ إلَى قَاضٍ لَمْ يَكُنْ قَاضِيًا حِينَ تَحْرِيرِ ذَلِكَ الْكِتَابِ بَلْ نُصِّبَ قَاضِيًا بَعْدَ ذَلِكَ التَّارِيخِ فَلَا يُقْبَلُ الْكِتَابُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الْقَاضِي وِلَايَةٌ وَقْتَ الْخِطَابِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . رَابِعًا - يُشْتَرَطُ أَنْ يُقْبَلَ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ مِنْ الْقَاضِي الْمُخَاطَبِ بِهِ بِالذَّاتِ وَلَا يَجُوزُ قَبُولُهُ مِنْ نَائِبِهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْخِطَابُ فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ إلَى نَائِبِ الْقَاضِي وَصَرَّحَ فِيهِ بِاسْمِهِ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُ الْكِتَابِ مِنْ النَّائِبِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ لِمُسْتَنِيبِهِ قَبُولُهُ إذْ أَنَّ الْكِتَابَ يَجِبُ أَنْ يُقْبَلَ مِنْ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فَقَطْ " رَدُّ الْمُحْتَارِ ". خَامِسًا - يُشْتَرَطُ فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ وُجُودُ خَمْسَةِ مَعَالِيمَ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ مِنْ الْمَعْلُومِ لِلْمَعْلُومِ فِي الْمَعْلُومِ وَلِلْمَعْلُومِ عَلَيْهِ. وَالْمَعْلُومُ الْأَوَّلُ: الْقَاضِي الْكَاتِبُ، وَالثَّانِي: الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ، وَالثَّالِثُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute