وَعَدَمُ جَوَازِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ هُوَ عَلَى رَأْيِ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ أَمَّا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ الْآخَرِينَ فَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْخَصْمِ حِينَ الدَّعْوَى وَالْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ فَلِذَلِكَ إذَا اسْتَمَعَ الْقَاضِي الَّذِي يَرَى جَوَازَ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ الدَّعْوَى فِي غِيَابِ الْمُدَّعِي وَحَكَمَ بِهَا وَعَرَضَ هَذَا الْحُكْمَ عَلَى قَاضٍ آخَرَ بِعَدَمِ جَوَازِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ فَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي الثَّانِي أَنْ يَقْبَلَ هَذَا الْحُكْمَ وَيُنَفِّذَهُ اُنْظُرْ مَادَّةَ (١٨٣٢) . (الزَّيْلَعِيّ والْفَتْحُ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إنَّ شُهُودَ الْأَصْلِ هُمْ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عَلَى أَصْلِ دَعْوَى الْمُدَّعِي فِي غِيَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ غِيَابِ نَائِبِهِ بِحُضُورِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ كَمَا أَنَّ شُهُودَ الطَّرِيقِ هُمْ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عَلَى الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فِي حُضُورِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَ هُوَ كِتَابُ الْقَاضِي الْفُلَانِيِّ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْقِيَاسُ هُوَ عَدَمُ قَبُولِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ لَوْ ذَهَبَ بِالذَّاتِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَذَكَرَ لَهُ الْأُمُورَ الَّتِي تُدْرَجُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي فَلَا يَعْمَلُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ هُوَ مِنْ آحَادِ النَّاسِ فِي بَلْدَةِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ عَدَمُ عَمَلِ الْقَاضِي بِذَلِكَ الْكِتَابِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَزْوِيرُ الْكِتَابِ كَمَا أَنَّ الْخَطَّ وَالْخَاتَمَ يَتَشَابَهَانِ وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ هُوَ تَجْوِيزُ الْإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ ذَلِكَ إذْ أَنَّ شَاهِدَ صَاحِبِ الْحَقِّ يَكُونُ حِينًا فِي بَلْدَةٍ وَيَكُونُ الْخَصْمُ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى فَيَكُونُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُتَعَذِّرًا فَيُصْبِحُ صَاحِبُ الْحَقِّ مُحْتَاجًا لِلْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ وَبِشَهَادَةِ شُهُودِ الطَّرِيقِ تَنْتَفِي شُبْهَةُ التَّزْوِيرِ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (٣٢) مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنَّ الْحَاجَةَ إذَا كَانَتْ عُمُومِيَّةً تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ وَالزَّيْلَعِيّ) .
سُؤَالٌ - لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يُثْبِتَ حَقَّهُ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ أَمَامَ قَاضِي الْبَلْدَةِ الَّتِي يُقِيمُ فِيهَا صَاحِبُ الْحَقِّ فَعَلَى ذَلِكَ إذَا حَمَّلَ شُهُودُ الْأَصْلِ شُهُودَ الطَّرِيقِ الشَّهَادَةَ فَيَشْهَدُ شُهُودُ الطَّرِيقِ فِي حُضُورِ قَاضِي الْبَلْدَةِ الَّتِي يُقِيمُ بِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فَيَنَالُ صَاحِبُ الْحَقِّ حَقَّهُ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى كِتَابِ الْقَاضِي الْمُخَالِفِ لِلْقِيَاسِ؟ الْجَوَابُ - إنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يَعْجِزُونَ عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ كَمَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ إلَى تَعْدِيلِ شُهُودِ الْأَصْلِ وَهُوَ مُنْذِرٌ لَا سِيَّمَا فِي بِلَادِ الْغُرْبَةِ أَمَّا فِي كِتَابِ الْقَاضِي فَيَجْرِي تَعْدِيلُ شُهُودِ الْأَصْلِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ فَلِذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ (الزَّيْلَعِيّ وَالدُّرُّ وَفَتْحُ الْقَدِيرِ) سُؤَالٌ - بِمَا أَنَّهُ قَدْ جُوِّزَ فِي الْمَادَّةِ (١٨٣٤) مِنْ الْمَجَلَّةِ الْحُكْمُ الْغِيَابِيُّ فَلَمْ يَبْقَ ثَمَّةَ حَاجَةٍ إلَى كِتَابِ الْقَاضِي لِلْقَاضِي. الْجَوَابُ - إنَّ جَوَازَ الْحُكْمِ الْغِيَابِيِّ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَائِبُ مُقِيمًا فِي دَائِرَةِ الْقَاضِي الَّذِي سَيُصْدِرُ الْحُكْمَ وَيَتَعَذَّرُ إحْضَارُ الْخَصْمِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ (١٨٣٢) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute