للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَثَلًا، إذَا تَزَوَّجَ أَحَدٌ امْرَأَةً فِي مَحْضَرِ شُهُودٍ وَكَانَتْ زَوْجَتَهُ الْمَنْكُوحَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ النِّكَاحَ فَادَّعَى الزَّوْجُ زَوْجِيَّتَهُ مِنْهَا وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِالشُّهُودِ الْعُدُولِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِالزَّوَاجِ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ فَيَنْفُذُ هَذَا الْحُكْمُ ظَاهِرًا كَمَا يَنْفُذُ بَاطِنًا أَيْضًا؛ أَمَّا إذَا كَانَ الْحُكْمُ مَبْنِيًّا عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ.

فَعِنْدَ الْإِمَامِ إذَا كَانَ الْحُكْمُ مَبْنِيًّا عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ فَهُوَ مَحَلٌّ قَابِلٌ لِلنَّفَاذِ فِي الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَفِي الْفُسُوخِ كَالْإِقَالَةِ وَالطَّلَاقِ وَيَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي عَالِمًا بِكَوْنِ الشُّهُودِ شُهُودَ زُورٍ؛ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَمْرِ الزَّوْجِ نَفَذَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَبِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْلَى وَالْقَاضِي مَأْمُورٌ بِذَلِكَ مِنْهُ جَلَّ وَعَلَا الْفَتْحُ ". الْبَيْعُ، مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا قَدْ اشْتَرَيْت مِنْك دَارَك هَذِهِ بِقِيمَتِهَا الْحَقِيقِيَّةِ بِكَذَا دِينَارًا وَأَثْبَتَ ادِّعَاءَهُ بِشُهُودِ زُورٍ وَاسْتَحْصَلَ عَلَى حُكْمٍ بِذَلِكَ وَأَدَّى الثَّمَنَ فَيَحِلُّ لِلْمَحْكُومِ لَهُ الْمَذْكُورِ سُكْنَى الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ الْعِنَايَةُ " أَمَّا إذَا أَثْبَتَتْ الدَّعْوَى فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ وَفِي الْبَيْعِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ بِشُهُودِ زُورٍ وَصَدَرَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ فَتُوجَدُ رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فِي حَقِّ نَفَاذِ الْحُكْمِ بَاطِلًا فَفِي رِوَايَةٍ لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ بَاطِنًا لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَ التَّبَرُّعَاتِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ تَبَرُّعٌ مِنْ وَجْهٍ رَدُّ الْمُحْتَارِ ".

النِّكَاحُ، إذَا أَثْبَتَ أَحَدٌ بِشُهُودِ زُورٍ بِأَنَّ امْرَأَةً هِيَ زَوْجَتُهُ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ فَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَحَلَّ نِكَاحٍ فَيَنْفُذُ هَذَا الْحُكْمُ ظَاهِرًا كَمَا أَنَّهُ يَنْفُذُ بَاطِنًا؛ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرُ الْعِنَايَةُ ". وَيَنْفُذُ ظَاهِرًا لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُ الْمَرْأَةَ بِقَوْلِهِ لَهَا: سَلِّمِي نَفْسَك لِهَذَا الرَّجُلِ لِأَنَّهُ زَوْجُك وَتَلْزَمُ نَفَقَةُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ. وَيَنْفُذُ بَاطِنًا إذْ تُصْبِحُ تِلْكَ الْمَرْأَةُ حَلَالًا لِذَلِكَ الرَّجُلِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ النِّكَاحَ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ وَأَثْبَتَتْ الزَّوْجَةُ النِّكَاحَ بِشُهُودِ زُورٍ فَالْحُكْمُ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ الْعِنَايَةُ ". الْفُسُوخُ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْفُسُوخِ الشَّيْءُ الَّذِي يَرْفَعُ حُكْمَ الْعَقْدِ فَهِيَ تَشْمَلُ الْإِقَالَةَ وَالرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَالطَّلَاقَ شَرْحُ الْمَجْمَعِ ". الطَّلَاقُ، لَوْ أَثْبَتَتْ امْرَأَةٌ بِشُهُودِ زُورٍ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ بَائِنَةً وَبَعْدَ أَنْ اسْتَحْصَلَتْ عَلَى الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ بِزَوْجٍ آخَرَ فَيَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا وَلَوْ عَلِمَ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ كَمَا أَنَّهُ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ تَمْكِينُهُ حَتَّى أَنَّهُ يَجُوزُ وَيَحِلُّ لِأَحَدِ أُولَئِكَ الشُّهُودِ الزُّورِ التَّزْوِيجُ بِهَا (الْفَتْحُ) .

وَدَلِيلُ نَفَاذِ الْقَضَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا هُوَ. أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى بِحُضُورِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ التَّزْوِيجَ بِامْرَأَةٍ فَأَثْبَتَ الرَّجُلُ الزَّوَاجَ بِهَا بَعْدَ إنْكَارِ الْمَرْأَةِ الْعَقْدَ فَحَكَمَ عَلِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>