للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ بِأَنَّهَا زَوْجَةٌ لِلْمُدَّعِي فَقَالَتْ الْمَرْأَة لِعَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنَّنِي لَسْت زَوْجَةً لِلْمُدَّعِي وَمَا دُمْت أَنَّك حَكَمْت بِذَلِكَ فَأَجْرِ عَقْدَنَا فَأَجَابَهَا لَا حَاجَةَ لِتَجْدِيدِ الْعَقْدِ فَشَاهِدَاك زَوَّجَاك. قِيلَ، إذَا كَانَ الْمَحَلُّ قَابِلًا لِلنَّفَاذِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَحَلُّ غَيْرَ قَابِلٍ لِلنَّفَاذِ فَلَا يَنْفُذُ مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ زَوْجَتِي وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي يَعْنِيهَا مُحَرَّمَةً لِكَوْنِهَا مُعْتَدَّةَ الْغَيْرِ فَالْحُكْمُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ بِشُهُودِ زُورٍ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ فَلَا تَحِلُّ تِلْكَ الْمَرْأَةُ لِلْمُدَّعِي.

كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي كَذِبًا أَنَّ امْرَأَةً الْمَنْكُوحَةَ لِغَيْرِهِ زَوْجَتُهُ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِشُهُودِ زُورٍ وَسَتَحْصُلُ عَلَى حُكْمٍ بِالزَّوْجِيَّةِ فَلَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ بَاطِنًا وَلَا تَحِلُّ الْمَرْأَةُ الْمَذْكُورَةُ لَهُ.

قِيلَ، إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي عَالِمًا بِكَذِبِ الشُّهُودِ، لِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا كَانَ عَالِمًا بِكَذِبِ الشُّهُودِ فَالْحُكْمُ الَّذِي يُصْدِرُهُ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ لَا يَنْفُذُ ظَاهِرًا أَيْضًا الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ، كَذَلِكَ لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ بَاطِنًا الْمَبْنِيُّ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ذَلِكَ وَلَمْ تَسْتَطِعْ الزَّوْجَةُ الْإِثْبَاتَ وَحَلَفَ الزَّوْجُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا وَأَخَذَ الْحُكْمَ عَلَيْهَا بِالطَّاعَةِ فَلَا يَنْفُذُ هَذَا الْحُكْمُ بَاطِنًا فَإِذَا كَانَ طَلَّقَهَا حَقِيقَةً طَلَاقًا ثَلَاثًا فَلَيْسَ لَهَا بَعْدَ هَذَا الْحُكْمِ أَنْ تَمْكُثَ عِنْدَهُ وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مِيرَاثِهِ. قِيلَ، فِي الْعُقُودِ وَفِي الْفُسُوخِ، أَمَّا فِي الْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ فَلَا يَنْفُذُ بَاطِنًا بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِلْمِلْكِ سَبَبٌ وَبِمَا أَنَّهُ لَا تَكُونُ بَعْضُ الْأَسْبَابِ أَوْلَى مِنْ الْأَسْبَابِ الْأُخْرَى مِنْ جِهَةِ مُزَاحَمَةِ الْأَسْبَابِ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ السَّبَبِ سَابِقًا عَلَى الْقَضَاءِ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ (الدُّرَرُ) .

وَدَعْوَى الدَّيْنِ بِدُونِ ذِكْرِ السَّبَبِ فِي حُكْمِ الْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ أَيْضًا فَلِذَلِكَ إذَا أَثْبَتَ بِشُهُودِ الزُّورِ بِدُونِ ذِكْرِ السَّبَبِ لَا يَنْفُذُ. كَذَلِكَ الْإِرْثُ فِي حُكْمِ الْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ. كَذَلِكَ النَّسَبُ لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ بَاطِنًا بِالْإِجْمَاعِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّفَاذَ بَاطِنًا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ يَجْرِي فِي الْأُمُورِ الْقَابِلَةِ لِلْإِنْشَاءِ بِسَبَبٍ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ وَلَا يَجْرِي فِي غَيْرِ الْقَابِلَةِ لِلْإِنْشَاءِ كَالْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ وَالْإِرْثِ وَالنَّسَبِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَزُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فَالْأَحْكَامُ الَّتِي تَقَعُ بِنَاءً عَلَى شَهَادَاتِ شُهُودِ زُورٍ تَنْفُذُ ظَاهِرًا إلَّا أَنَّهَا لَا تَنْفُذُ بَاطِنًا. فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت فَرَسَك هَذِهِ مِنْك بِقِيمَتِهَا الْحَقِيقِيَّةِ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيْعَ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ بِشُهُودِ زُورٍ وَحَكَمَ لَهُ الْقَاضِي بِالْفَرَسِ فَأَخَذَ

<<  <  ج: ص:  >  >>