الْفَرَسَ وَدَفَعَ الْعَشَرَةَ الدَّنَانِيرَ، وَكَانَتْ الْعَشَرَةُ الدَّنَانِيرَ قِيمَةَ الْفَرَسِ الْحَقِيقِيَّةِ، فَلَا تَحِلُّ تِلْكَ الْفَرَسُ لِلْمُدَّعِي.
كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْمَنْكُوحَةُ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِشُهُودِ زُورٍ وَاسْتَحْصَلَ حُكْمًا عَلَيْهَا بِالزَّوْجِيَّةِ فَلَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ الِاسْتِمْتَاعُ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلزَّوْجَةِ تَمْكِينُهُ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي جَمِيعِ الْأَمْثِلَةِ الَّتِي سَبَقَ بَيَانُهَا بِأَنَّهُ يَحِلُّ فِيهَا عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هِيَ حَرَامٌ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامَيْنِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ لِأَنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ وَإِنْ كَانَتْ حُجَّةً ظَاهِرًا إلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ حُجَّةً بَاطِنًا وَالْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ يَنْفُذُ بِقَدْرِ مِقْدَارِ الْحُجَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . يَعْنِي أَنَّ الْقَضَاءَ وَالْحُكْمَ مُظْهَرٌ وَلَمْ يَكُنْ مُثْبِتًا لِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ كَانَ قَبْلَ الْقَضَاءِ ثَابِتًا وَإِنَّمَا الْحُكْمُ أَظْهَرَهُ فَقَطْ رَدُّ الْمُحْتَارِ ". قِيلَ إذَا كَانَ الْحُكْمُ مَبْنِيًّا عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ، لِأَنَّهُ إذَا ظَهَرَ أَنَّ الشُّهُودَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ كَالْعَبِيدِ وَالْمَحْدُودِينَ فِي الْقَذْفِ فَلَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ بَاطِنًا الْفَتْحُ ". وَيَفْهَمُ الطَّرَفَيْنِ ذَلِكَ وَبِالْحُكْمِ وَالتَّفْهِيمِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَتِمُّ الْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ، أَمَّا تَنْظِيمُ الْإِعْلَامِ وَإِعْطَاؤُهُ فَلَيْسَ مِنْ مُتَمِّمَاتِ الْحُكْمِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْقَاضِي الْمَالَ الْمَحْكُومَ بِهِ مِنْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَهُ لِلْمَحْكُومِ لَهُ حَالَ صُدُورِ الْحُكْمِ فَيَصِحُّ ذَلِكَ. بِلِسَانٍ لَيِّنٍ، فَاللَّائِقُ الِاعْتِذَارُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَنْكَسِرَ قَلْبُهُ وَلَا يُسِيءَ الظَّنَّ بِالْقَاضِي فَيُخَاطِبُهُ الْقَاضِي قَائِلًا (قَدْ دَفَقْت صُورَةَ إنْكَارِك وَمُدَافَعَاتِكَ إلَّا أَنَّ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ هُوَ كَذَا وَقَدْ حَكَمْت عَلَيْك عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِغَيْرِ ذَلِكَ) مَعَ تَفْهِيمِهِ الْأَسْبَابَ الْمُوجِبَةَ لِلْحُكْمِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ آنِفًا.
وَيُنَظِّمُ إعْلَامًا حَاوِيًا لِلْحُكْمِ وَالْبَيِّنَةِ مَعَ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لَهُ وَيُعْطَى ذَلِكَ الْإِعْلَامُ لِلْمَحْكُومِ لَهُ وَيُعْطَى لَدَى الْإِيجَابِ نُسْخَةً أُخْرَى مِنْهُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَيْضًا، إذَنْ يَجِبُ بَيَانُ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْحُكْمِ فِي الْإِعْلَامِ حَتَّى يَقِفَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ عَلَى تِلْكَ الْأَسْبَابِ فَلَا يَظْهَرُ أَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ حَارَ عَلَيْهِ وَظَلَمَهُ فَيَتَظَلَّمُ لِلنَّاسِ مِنْ الْقَاضِي لِأَنَّ " مَنْ يَسْمَعْ يُخِلُّ " وَالْعَامَّةُ كَثِيرًا مَا تُخِلُّ بِشَرَفِ الْقَاضِي وَنَزَاهَتِهِ مَعَ كَوْنِهِ يَكُونُ بَرِيءَ الذِّمَّةِ. فَإِذَا كَانَ مِنْ الْمُمْكِنِ إقَامَةُ الْحَقِّ بِدُونِ كَسْرِ الْقَلْبِ فَالْأَوْلَى إجْرَاءُ ذَلِكَ وَكَمَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ أَنْ يَطْعَنَ النَّاسُ فِي حَقِّهِ بِحَقٍّ وَأَنْ لَا يُجْرِيَ الْأَعْمَالَ الَّتِي تُوجِبُ الطَّعْنَ فِي حَقِّهِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْتَرِزَ أَيْضًا مِنْ إجْرَاءِ الْأَفْعَالِ الَّتِي تُوجِبُ الطَّعْنَ فِي حَقِّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ لِأَنَّهُ يُوجَدُ أُنَاسٌ يَظُنُّونَ بِأَنَّ تِلْكَ الطُّعُونَ مُوَافِقَةً لِلْحَقِيقَةِ فَيَتَلَوَّثُ شَرَفُ الْقَاضِي. وَيُعْطِي الْإِعْلَامَ لِلْمَحْكُومِ لَهُ لِسَبَبَيْنِ (الْأَوَّلُ) حَتَّى لَا يَنْسَى الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ بِطُولِ الزَّمَنِ وَمُرُورِ الْأَوَانِ " الثَّانِي " لِيَتَمَكَّنَ الْمَحْكُومُ لَهُ مِنْ إبْرَازِ الْحُكْمِ لِلْمُوَظَّفِ كَيْ يُجْرِيَ الْحُكْمَ لِأَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute