وَكِيلًا يُحَافِظُ عَلَى حُقُوقِهِ: وَظِيفَةُ الْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ إنْكَارِ الْمُدَّعَى بِهِ بِالنِّيَابَةِ عَنْ الْغَائِبِ وَبِمَا أَنَّهُ تُقَامُ الْحُجَّةُ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُنْكِرِ فَيَكُونُ قَدْ فُتِحَ بِهَذَا الْإِنْكَارِ طَرِيقٌ لِإِثْبَاتِ الدَّعْوَى إذْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ أَنْ يَدْفَعَ بِالنِّيَابَةِ عَنْ مُوَكِّلِهِ أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ إنَّ مُوَكِّلِي قَدْ دَفَعَ الْمَبْلَغَ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَ مُوَكِّلِي وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّى لِإِثْبَاتِ هَذَا الدَّفْعِ أَوْ تَكْلِيفِ الْمُدَّعِي لِحَلِفِ الْيَمِينِ لِأَنَّ الدَّفْعَ مِنْ صِفَةِ الْمُدَّعِي وَلَا يُعَيَّنُ لِلْمُدَّعِي وَكِيلٌ مُسَخَّرٌ كَمَا أَنَّ هَذِهِ الدُّفُوعَ صَادِرَةٌ عَنْ الْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ أَيُّ عِلْمٍ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ إذْ يَكُونُ الدَّفْعُ الْمَذْكُورُ كَذِبًا مَحْضًا مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ إجْرَاءُ هَذِهِ الْمُعَامَلَاتِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ.
سُؤَالٌ - إنَّ الْوَكِيلَ الْمُسَخَّرَ يُنْكِرُ حَقَّ الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَائِبِ مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ بِأَنَّ لَهُ حَقًّا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فَيَكُونُ إنْكَارُهُ غَيْرَ مُطَابِقٍ لِنَفْسِ الْأَمْرِ؟ الْجَوَابُ عَدَمُ حَقِّ الْمُدَّعِي هُوَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ الثَّامِنَةِ فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَا يَكُونُ الْإِنْكَارُ الْوَاقِعُ كَذِبًا. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَشْرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَلَمْ يُجِبْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَةَ وَرُئِيَتْ الدَّعْوَى فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ فَيَطْلُبُ مِنْ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً مُطَابِقَةً لَدَعْوَاهُ إذْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ أَنْ يُقِرَّ عَنْ الْغَائِبِ وَإِذَا أَقَرَّ يَلْزَمُ الْقَاضِي لِلْغَائِبِ بِإِقْرَارِهِ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي بِشُهُودٍ أَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ. وَجَرَتْ تَزْكِيَةُ الشُّهُودِ سِرًّا وَعَلَنًا وَتَبَيَّنَ أَنَّهُمْ عُدُولٌ وَمَقْبُولُو الشَّهَادَةِ فَيَحْكُمُ بِتَحْصِيلِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَائِبِ وَإِذَا حَضَرَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ فَلَهُ دَفْعُ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: قَدْ أَدَّيْت لَك هَذَا الْمَبْلَغَ أَوْ أَنَّك أَبْرَأْتَنِي مِنْ كَافَّةِ الدَّعَاوَى أَوْ أَنَّ لِلشُّهُودِ فِي الدَّعْوَى جَرَّ مَغْنَمِ كَذَا أَوْ دَفْعَ مَغْرَمِ كَذَا وَبِذَلِكَ يَكُونُ حَقُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَحْفُوظًا فِي دَفْعِ الدَّعْوَى وَالطَّعْنِ فِي حَقِّ الشُّهُودِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " ١٦٣٦ " كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ مَالِهِ الْفُلَانِيَّ وَأَدَّى لَهُ الثَّمَنَ وَأَنَّهُ امْتَنَعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ هَذِهِ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ الْمَذْكُورِ لِلْمُدَّعِي.
وَيَلْزَمُ فِي الدَّعَاوَى الَّتِي تُقَامُ عَلَى الْغَائِبِ وَفِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ ذِكْرُ اسْمِ الْغَائِبِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (١٦٩٠) . أَمَّا إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ أَيْ لَمْ يَكُنْ لَدَى الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ لِإِثْبَاتِ دَعْوَاهُ فَلَا يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّ أَسْبَابَ الْحُكْمِ كَمَا ذَكَرَ شَرْحًا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْقَضَاءِ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ وَالْيَمِينِ وَالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ. وَبِمَا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ إقْرَارٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا أَنَّ الْيَمِينَ وَالنُّكُولَ عَنْ الْيَمِينِ يُشْتَرَطُ فِي الْمَادَّةِ (١٧٤٤) أَنْ يَكُونَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَبِمَا أَنَّهُ لَا تُوجَدُ أَيْضًا بَيِّنَةٌ فَلَا يَكُونُ إثْبَاتٌ لِلدَّعْوَى وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا عَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ إثْبَاتِ دَعْوَاهُ وَقَالَ إنَّنِي أُكَلِّفُ خَصْمِي الْيَمِينَ وَأَطْلُبُ الْحُكْمَ عَلَيْهِ مُعَلِّقًا عَلَى نُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ حِينَ اعْتِرَاضِهِ عَلَى الْحُكْمِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ عَلَى النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ الْحُكْمِ فَفِي هَذِهِ الْحَالِ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَتَرَبَّصَ لِخَصْمِهِ وَعِنْدَ ظُهُورِهِ مِنْ اخْتِفَائِهِ يَطْلُبُ مِنْ الْقَاضِي إحْضَارَهُ جَبْرًا وَيُكَلِّفُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute