للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجِبُ إبْطَالُ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَرَدُّهُ كَمَا سَيُوَضَّحُ آتِيًا. إذَا كَانَ الْحُكْمُ مُوَافِقًا لِمَذْهَبِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ وَالْقَاضِي الثَّانِي فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ إذْ أَنَّهُ إذَا عُرِضَ حُكْمُ قَاضٍ عَلَى قَاضٍ آخَرَ فَلَا يَخْلُو الْحُكْمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَحَدَ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مُخَالِفًا لِلنَّصِّ أَيْ مُخَالِفًا لِلْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ أَوْ الْإِجْمَاعِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يُرَدُّ الْحُكْمُ وَيَبْطُلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (١٤) مِنْ الْمَجَلَّةِ (لَا مُسَاغَ لِلِاجْتِهَادِ فِي مَوْرِدِ النَّصِّ) . الْبَحْرُ وَالتَّكْمِلَةُ " الْأَحْكَامُ الْمُخَالِفَةُ لِلْكِتَابِ هِيَ: كَأَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي الشَّافِعِيُّ بِحِلِّ أَكْلِ لَحْمِ الْحَيَوَانِ الَّتِي تُرِكَتْ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ عَمْدًا حِينَ ذَبْحِهِ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ يُحَلِّلُ الْحَرَامَ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قُرْآنِهِ الْكَرِيمِ بِقَوْلِهِ {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: ١٢١] فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ فَإِذَا عُرِضَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ يُبْطِلُهُ (الْعِنَايَةُ وَالْفَتْحُ) .

كَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِحِلِّيَّةِ مِلْكِ يَمِينِ زَوْجَةِ الْأَبِ أَوْ مَوْطُوءَةِ الْأَبِ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢] فَإِذَا عُرِضَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ فَسَخَهُ وَيُبْطِلُهُ كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ وَالْإِجْمَاعِ وَكَذَلِكَ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي فِي الشَّجِّ الْوَاقِعِ فِي الْحَمَّامِ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ فَقَطْ وَعُرِضَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى قَاضٍ ثَانٍ فَيَنْقُضُهُ رَدُّ الْمُحْتَارِ " كَذَلِكَ لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي عَلَى إجْبَارِ الْمَدِينِ عَلَى إيجَارِ نَفْسِهِ لِآخَرَ وَإِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ أُجْرَتِهِ وَعُرِضَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى قَاضٍ آخَرَ فَيَنْقُضُهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] الْأَحْكَامُ الْمُخَالِفَةُ لِلسُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ: إذَا عَيَّنَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ رَجُلًا مِنْ أَهَالِيِ الْمَحَلَّةِ أَنَّهُ قَاتِلُ مُورِثِهِ وَحَلَفَ الْيَمِينَ يَحْكُمُ عَلَى ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>