للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّجُلِ بِالْقِصَاصِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ فَإِذَا حَكَمَ الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ بِقِصَاصِ رَجُلٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَعُرِضَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى قَاضٍ حَنَفِيٍّ فَلَا يَنْفُذُ هَذَا الْحُكْمُ بَلْ يَفْسَخُهُ وَيُبْطِلُهُ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْقَائِلِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» الَّذِي هُوَ بِمَآلِ الْمَادَّةِ " ٧٦ " مِنْ الْمَجَلَّةِ. كَذَلِكَ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي الشَّافِعِيُّ فِي دَعْوَى بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَبِيَمِينِ الْمُدَّعِي وَعُرِضَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ فَيُبْطِلُهُ الْقَاضِي الْحَنَفِيُّ وَلَا يَنْفُذُ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي التَّنْوِيرِ حَيْثُ إنَّهُ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ وَكَمَا ذُكِرَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ. لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢] كَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَ أَحَدٌ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا طَلَاقًا ثَلَاثًا ثُمَّ زُوِّجَتْ الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ لِلْحَلِّ بِزَوْجٍ آخَرَ فَطَلُقَتْ مِنْ الزَّوْجِ الْآخَرِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَحُكِمَ بِحِلِّيَّةِ زَوَاجِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ فَإِنَّ اشْتِرَاطَ الدُّخُولِ ثَابِتٌ فِي حَدِيثِ الْعُسَيْلَةِ الْعِنَايَةُ ".

الْأَحْكَامُ الْمُخَالِفَةُ لِلْإِجْمَاعِ: كَأَنْ يُعْرَضَ الْحُكْمُ الَّذِي أَصْدَرَهُ قَاضٍ فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ عَلَى قَاضٍ آخَرَ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي الْآخَرُ بِإِبْطَالِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَكَالْحُكْمِ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ لِتَرْكِ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى بِضْعَ سَنَوَاتٍ فَإِنَّهُ لَا دَلِيلَ شَرْعِيًّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ (الْعِنَايَةُ) الْقِسْمُ الثَّانِي: الْحُكْمُ الَّذِي يَجِبُ إمْضَاؤُهُ وَتَنْفِيذُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَهُوَ الْحُكْمُ الْوَاقِعُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ الَّذِي يَكُونُ الْخِلَافُ فِيهِ فِي نَفْسِ الْمَسْأَلَةِ وَسَبَبِ الْقَضَاءِ؛ فَيَجِبُ تَنْفِيذُ هَذَا الْحُكْمِ وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ حَكَمَ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ " الْعِنَايَةُ وَالسَّعْدُ وَالشِّبْلِيُّ وَالْفَتْحُ " لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْأَوَّلَ مَنْصُوبٌ لِلْقَضَاءِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ وَلِلسُّلْطَانِ وِلَايَةٌ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ فَكَمَا أَنَّ حُكْمَ السُّلْطَانِ بِالذَّاتِ حُجَّةٌ فِي حَقِّ كَافَّةِ النَّاسِ فَحُكْمُ الْقَاضِي الْمَنْصُوبِ مِنْ قِبَلِهِ هُوَ حُجَّةٌ أَيْضًا عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ نَقْضُ حُكْمِهِ (الزَّيْلَعِيّ فِي التَّحْكِيمِ) لِأَنَّ الْقَاضِيَ الثَّانِيَ هُوَ أَحَدُ كَافَّةِ النَّاسِ فَلَيْسَ لَهُ صَلَاحِيَّةٌ فِي نَقْضِ حُكْمِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ كَمَا أَنَّهُ لَا رُجْحَانَ لِاجْتِهَادٍ عَلَى اجْتِهَادِ الْآخَرِ وَبِلُحُوقِ الْحُكْمِ عَلَى الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ تَرَجَّحَ عَلَى الِاجْتِهَادِ الثَّانِي وَتَفَوَّقَ عَنْهُ وَتَدَنَّى الِاجْتِهَادُ الثَّانِي فَلَا يُنْقَضُ الِاجْتِهَادُ الرَّاجِحُ بِالْمَرْجُوحِ الزَّيْلَعِيّ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَبْطَلَ الْقَاضِي الثَّانِي الْحُكْمَ الَّذِي هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَعُرِضَ حُكْمُ الْقَاضِي الثَّانِي الْمُتَضَمِّنِ إبْطَالَ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ عَلَى قَاضٍ ثَالِثٍ فَيُبْطِلُ الْقَاضِي الثَّالِثُ حُكْمَ الْقَاضِي الثَّانِي وَيَنْفُذُ حُكْمَ الْقَاضِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْأَوَّلَ كَانَ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ وَالْقَضَاءُ فِي الْمُجْتَهِدَاتِ نَافِذٌ بِالْإِجْمَاعِ فَكَانَ الْقَضَاءُ مِنْ الثَّانِي مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ فَيَكُونُ بَاطِلًا الشِّبْلِيُّ.

وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ فَقَضَى بِهِ الْقَاضِي ثُمَّ جَاءَ قَاضٍ آخَرُ وَيَرَى غَيْرَ ذَلِكَ أَمْضَاهُ الزَّيْلَعِيّ وَلَوْ قَضَى

<<  <  ج: ص:  >  >>