للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَيْبُ فِي الْمَبِيعِ هُوَ الَّذِي يُوجِبُ نَقْصًا فِي قِيمَتِهِ عِنْدَ التُّجَّارِ الَّذِينَ يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ أَمْثَالَهُ أَوْ الَّذِي تَقْتَضِي الْخِلْقَةُ السَّلِيمَةُ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ عَارِيًّا وَخَالِيًا مِنْهُ أَوْ الَّذِي يُفَوِّتُ الْغَرَضَ وَالْمَقْصُودَ مِنْهُ أَوْ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إزَالَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَكُلُّ ذَلِكَ يُوجِبُ نُقْصَانًا فِي الْمَالِيَّةِ وَالنُّقْصَانُ فِي الْمَالِيَّةِ يُوجِبُ الِانْتِقَاصَ فِي الْقِيمَةِ " مُلْتَقَى وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ ". تَوْضِيحُ الْقُيُودِ: التُّجَّارِ وَأَرْبَابُ الْخِبْرَةِ. مَثَلًا: إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُجَوْهَرًا مِنْ الْمُجَوْهَرَاتِ كَالْمَاسِ وَاللُّؤْلُؤِ فَتُجَّارُهُ وَأَرْبَابُ الْخِبْرَةِ فِيهِ هُمْ الصُّيَّاغُ: وَإِذَا كَانَ كِتَابًا فَأَرْبَابُهُ الْعُلَمَاءُ وَأَصْحَابُ الْمَكَاتِبِ، وَعَلَيْهِ فَاَلَّذِي يُوجِبُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ يُدْعَى عَيْبًا وَلَا يُشْتَرَطُ حُصُولُ النُّقْصَانِ فِي الْقِيمَةِ عِنْدَ التُّجَّارِ الَّذِينَ يَشْتَغِلُونَ فِي تِجَارَةِ وَصَنْعَةِ ذَلِكَ الْمَبِيعِ " طَحْطَاوِيٌّ ".

وَالْمَقْصُودُ مِنْ النُّقْصَانِ هُنَا هُوَ حُصُولُ النُّقْصَانِ فِي قِيمَةِ الْمَبِيعِ لَا فِي ثَمَنِهِ الْمُسَمَّى لِأَنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِدَرَجَةٍ فَاحِشَةٍ وَالنُّقْصَانُ الَّذِي يَطْرَأُ عَلَى الثَّمَنِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ لَا يُؤَدِّي إلَى حُصُولِ نُقْصَانٍ فِي الْمَبِيعِ. الْخِلْقَةُ السَّلِيمَةُ: أَمَّا الَّذِي يَكُونُ مِنْ مُقْتَضَى الْخِلْقَةِ السَّلِيمَةِ فَلَا يُدْعَى عَيْبًا وَعَلَيْهِ فَإِذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ حِنْطَةً فَوَجَدَهَا رَدِيئَةً فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ تِلْكَ الْحِنْطَةِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ تِلْكَ الْحِنْطَةَ رَدِيئَةٌ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ فِي خِلْقَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ إمَّا رَدِيئَةً وَإِمَّا حَسَنَةً وَإِمَّا مُتَوَسِّطَةً أَمَّا الْحِنْطَةُ الَّتِي تَكُونُ حَبَّاتُهُ فَارِغَةً مِنْ تَأْثِيرِ الطَّقْسِ فِيهَا وَاَلَّتِي لَا تُدْرَكُ جَيِّدًا وَاَلَّتِي أَصَابَهَا بَلَلٌ فَهِيَ مَعِيبَةٌ وَلَيْسَ مَنْ اشْتَرَى كَأْسًا فِضِّيًّا لَا عَيْبَ فِيهِ أَنْ يَرُدَّهُ بِسَبَبِ رَدَاءَتِهِ وَلَا لِمَنْ اشْتَرَى حِصَانًا كَبِيرَ السِّنِّ أَنْ يَرُدَّهُ لِكِبَرِهِ مَا لَمْ يَشْرِطْ فِي الْعَقْدِ أَنْ يَكُونَ صَغِيرَ السِّنِّ.

الْغَرَضُ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْمَبِيعِ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ شَاةً لِأَجْلِ الْأُضْحِيَّةِ فَكَانَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ أَنْ يُضَحَّى بِهَا كَأَنْ كَانَتْ مَقْطُوعَةَ الْأُذُنِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا بِخِيَارِ الْعَيْبِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَبِيعِ أَنْ لَا يَكُونَ مَقْطُوعَ الْأُذُنِ مَثَلًا وَلِأَنَّ ذَلِكَ الْعَيْبَ مُفَوِّتٌ لِغَرَضِ الْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا كَانَ اشْتَرَى تِلْكَ الشَّاةَ لِغَيْرِ الْأُضْحِيَّةِ فَوَجَدَهَا مَقْطُوعَةَ الْأُذُنِ فَمَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْقَطْعُ عَيْبًا عِنْدَ التُّجَّارِ وَأَرْبَابِ الْخِبْرَةِ فَلَا يَرُدَّهَا بِخِيَارِ الْعَيْبِ إلَّا إنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِلْأُضْحِيَّةِ. وَإِذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ فِي أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ وَكَانَ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ فَالْقَوْلُ لَهُ وَلَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ شَجَرَةً لِيَقْطَعَهَا وَيَعْمَلَ مِنْهَا بَابًا وَبَعْدَ الْقَطْعِ تَبَيَّنَ أَنَّ خَشَبَهَا لَا يَصْلُحُ لِلْأَبْوَابِ فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا لِأَنَّ الْقَطْعَ مَانِعٌ لِلرَّدِّ. إزَالَةُ الْعَيْبِ بِلَا مَشَقَّةٍ: وَيُشْتَرَطُ فِي الْعَيْبِ أَنْ لَا يُمْكِنَ إزَالَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَا ضَرَرٍ فَعَلَيْهِ فَوُجُودُ نَجَاسَةٍ فِي ثَوْبٍ لَا يَضُرُّهُ الْغَسْلُ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَإِنْ ضَرَّهُ الْغَسْلُ كَانَ عَيْبًا.

وَوُجُودُ آثَارِ الزَّيْتِ فِي الثَّوْبِ عَيْبٌ إذْ لَا يُمْكِنُ إزَالَةُ الزَّيْتِ مِنْهُ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ. يَجِبُ فِي الْعَيْبِ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا عِنْدَ الْكُلِّ: فَلَوْ قَالَ بَعْضُ التُّجَّارِ إنَّ هَذَا عَيْبٌ وَقَالَ آخَرُونَ إنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>