للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَانُوتًا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِيهِ أَيْ يَعْمَلَ فِيهِ صَنْعَةً مُسَاوِيَةً فِي الْمَضَرَّةِ لِصَنْعَةِ الْحَدَّادِ وَلَكِنْ لَيْسَ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا لِلْعِطَارَةِ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ صَنْعَةَ الْحَدَّادِ.

يَعْنِي أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَشْرُوطَةَ فِي الْعَقْدِ لِمَنْ اسْتَحَقَّهَا أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا (١) بِعَيْنِهَا.

(٢) بِمِثْلِهَا أَيْ بِمَا يُسَاوِيهَا مَضَرَّةً.

(٣) بِمَا دُونَهَا مَضَرَّةً؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ فِي الْعُقُودِ إنَّمَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا فَائِدَةٌ.

أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ فَائِدَةٌ؛ فَلَا يَكُونُ التَّعْيِينُ مُعْتَبَرًا (الشِّبْلِيُّ) .

وَعَلَى ذَلِكَ فَالِاسْتِيفَاءُ لَازِمٌ مَعَ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى.

إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَتَجَاوَزَ إلَى مَا فَوْقَ الْمَنْفَعَةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ إلَى أَكْبَرَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ لَهُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي يَكُونُ ضَرَرُهَا عَلَى الْمَأْجُورِ أَشَدَّ؛ لِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ إذَا رَضِيَ بِشَيْءٍ يَكُونُ رَاضِيًا عَادَةً وَدَلَالَةً بِاسْتِيفَاءِ مَا دُونَهُ، أَوْ مَا يُسَاوِيهِ وَلَكِنْ لَا يَكُونُ رَاضِيًا بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ ضَرَرًا.

(تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) إنَّ مَادَّةَ ٥٥٩ وَمَادَّةَ ٥ ٦٠ فَرْعَانِ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ.

وَلِلتَّجَاوُزِ إلَى مَا فَوْقَ مَا هُوَ صَرَّحَ بِهِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ:

الْأَوَّلُ: لُزُومُ الضَّمَانِ لِمَنْ يَتَجَاوَزُ فَيُتْلِفُ الْمَأْجُورَ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٨٦) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

الثَّانِي: أَجْرُ الْمِثْلِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا جَاوَزَ الْمُسْتَأْجِرُ مَا فَوْقَ الْمَنْفَعَةِ وَعَمِلَ مَا لَمْ يُؤْذَنْ بِهِ ثُمَّ سَلَّمَ الْمَأْجُورَ سَالِمًا لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ أَدْنَى خَلَلٍ وَلَا أَقَلُّ ضَرَرٍ.

الثَّالِثُ: فِيمَا إذَا كَانَ التَّجَاوُزُ غَصْبًا؛ فَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ إلَّا إذَا كَانَ فِي مَالٍ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ، أَوْ مَالِ يَتِيمٍ، أَوْ وَقْفٍ، أَوْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ فَإِذَا كَانَ الْمَالُ لِوَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ، لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ.

وَسَيَتَّضِحُ ذَلِكَ بِالتَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا وَضَابِطُ هَذِهِ الْمَادَّةِ مَرْعِيٌّ فِي الْأَبْنِيَةِ وَالْأَرَاضِي وَالْحَيَوَانِ وَإِيضَاحُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي: اخْتِلَافُ الْمَنْفَعَةِ فِي تَحْمِيلِ الدَّابَّةِ عَلَى وَجْهَيْنِ: -.

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: يَكُونُ بِالثِّقَلِ، وَالْعُدُولُ إلَى الْأَخَفِّ فِي هَذَا جَائِزٌ كَتَحْمِيلِ عَدْلِ شَعِيرٍ بَدَلًا مِنْ عَدْلِ حِنْطَةٍ.

أَمَّا الْعُدُولُ مِنْ الْخَفِيفِ إلَى الثَّقِيلِ كَتَحْمِيلِ عَدْلِ حِنْطَةٍ بَدَلًا مِنْ عَدْلِ شَعِيرٍ فَغَيْرُ جَائِزٍ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ بِالْجِنْسِ لَا بِالثِّقَلِ وَذَاكَ كَتَحْمِيلِ مِائَةِ أُقَّةٍ مِنْ الْحَدِيدِ أَوْ أَقَلَّ مَكَانَ مِائَةِ أُقَّةٍ مِنْ الْقُطْنِ، أَوْ إرْكَابِكَ رَجُلًا مِثْلَكَ زِنَةَ دَابَّةٍ اسْتَأْجَرْتَهَا لِتَرْكَبَهَا أَنْتَ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الضَّمَانُ لَازِمٌ؛ لِأَنَّ الْحَدِيدَ يَجْتَمِعُ فِي مَكَان وَاحِدٍ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ فَيُؤْذِيهَا بِخِلَافِ الْقُطْنِ فَإِنَّهُ مُنْبَسِطٌ؛ فَلَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَكَذَلِكَ الرُّكَّابُ يَخْتَلِفُونَ فِي اقْتِدَارِهِمْ عَلَى الرُّكُوبِ وَحِذْقِهِمْ فِيهِ حَتَّى أَنَّ الرَّاكِبَ الَّذِي يَجْهَلُ طُرُقَ الرُّكُوبِ وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا لَيَكُونُ أَشَدَّ وَطْئًا عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ ثَقِيلِ الْجُثَّةِ الَّذِي يَعْلَمُ طُرُقَ الرُّكُوبِ.

مُرَاعَاتُهَا فِي الْأَبْنِيَةِ: مِثَالُ ذَلِكَ: يَسْتَأْجِرُ حَدَّادٌ حَانُوتًا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ؛ فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ (١) بِصِنَاعَتِهِ (٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>