بِصِنَاعَةٍ أُخْرَى تُمَاثِلُهَا مَضَرَّةً (٣) بِصِنَاعَةٍ أَخَفَّ مِنْهَا ضَرَرًا كَالْعِطَارَةِ وَلَهُ أَنْ يَأْجُرَهَا مِنْ آخَرَ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا، أَوْ غَيْرَ مُسْلِمٍ أَجْنَبِيًّا أَوْ غَيْرَهُ (الزَّيْلَعِيُّ، الشَّلَبِيُّ) .
وَبَيْنَ الْمِثَالِ وَالْمُمَثَّلِ لَهُ تَرْتِيبٌ فِي نَشْرِهِ وَلَفِّهِ مُرَاعَاتُهَا فِي الدَّوَابِّ: وَذَلِكَ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ دَابَّةً عَلَى أَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسَ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً لَهُ؛ فَلَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا مِثْلَهَا لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ عَلَى الدَّابَّةِ وَاحِدٌ (الشِّبْلِيُّ) وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسَ كَيْلَاتٍ سِمْسِمًا (الشِّبْلِيُّ) .
وَكَذَلِكَ الطَّاحُونُ الَّذِي تُسْتَأْجَرُ عَلَى أَنْ يُطْحَنَ بِهَا حِنْطَةٌ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَطْحَنَ بِهَا مَا يُمَاثِلُ الْحِنْطَةَ مِنْ الْحُبُوبِ مَضَرَّةً، أَوْ أَهْوَنُ مِنْهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْحَنَ بِهَا مَا يَزِيدُ عَنْهَا مَضَرَّةً فَإِذَا فَعَلَ كَانَ غَاصِبًا وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ دَارًا لِيَسْكُنَهَا فَكَمَا يَجُوزُ لَهُ سُكْنَاهَا يَجُوزُ لَهُ إسْكَانُ غَيْرِهِ إيَّاهَا وَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَضَعَ فِيهَا أَمْتِعَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْكُنَهَا وَلَيْسَ لِلْآجِرِ مُعَارَضَتُهُ فِي ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ.
قَوْلُهُ (عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا) إلَخْ الْوَارِدُ فِي الْمِثَالِ هُوَ مِثَالٌ مُخْتَصٌّ بِالْفِقْرَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِرَقْمِ ثَلَاثَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ.
وَكَذَلِكَ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً عَلَى أَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسَ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً أَنْ يُحَمِّلَهَا مَكَانَهَا خَمْسَ كَيْلَاتٍ شَعِيرًا؛ لِأَنَّ الشَّعِيرَ أَخَفُّ مِنْ الْحِنْطَةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُ إلَّا الْأَجْرُ الْمُسَمَّى (الْبَزَّازِيَّة فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ فِي السَّادِسِ فِي الضَّمَانِ، تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) .
أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ حَانُوتًا عَلَى أَنْ يَشْتَغِلَ فِيهِ بِالْعِطَارَةِ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ فِيهِ، أَوْ فِي الدَّارِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا لِلسَّكَنِ بِالْحِدَادَةِ أَوْ الْعِطَارَةِ وَإِذَا اشْتَغَلَ بِذَلِكَ يُعَدُّ غَاصِبًا وَيَضْمَنُ فِيمَا لَوْ احْتَرَقَ الْحَانُوتَ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْفَصْلِ الَّذِي يَلِي الْمَادَّةَ ٩٠٤) وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ اتِّخَاذُ الدَّارِ، أَوْ الْحَانُوتِ الْمَذْكُورَيْنِ طَاحُونًا سَوَاءٌ أَكَانَتْ تَدُورُ بِالْمَاءِ أَمْ بِالْبِغَالِ أَمَّا طَاحُونُ الْيَدِ فَإِذَا كَانَ نَصْبُهَا بِالنَّظَرِ إلَى يَدِهَا مُضِرًّا بِالدَّارِ فَيُمْنَعُ وَإِلَّا؛ فَلَا؛ لِأَنَّ طَاحُونَ الْيَدِ مِنْ تَوَابِعِ السُّكْنَى وَقَدْ اُسْتُحْسِنَ فِي تِلْكَ الدَّارِ، أَوْ الْحَانُوتِ الَّتِي اشْتَغَلَ فِيهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِالْحِدَادَةِ وَسَلَّمَهَا سَالِمَةً أَلَّا يُلْزَمَ بِغَيْرِ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُوَ السُّكْنَى وَفِي الْحِدَادَةِ وَأَخَوَاتِهَا السُّكْنَى وَزِيَادَةٌ فَيَحْصُلُ اسْتِيفَاءُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَيَجِبُ الْأَجْرُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ فَصَارَ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا قَدْرًا مَعْلُومًا فَزَادَ عَلَيْهِ وَسَلِمَتْ الدَّابَّةُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَالْقِيَاسُ أَلَّا يَجِبَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَمَلَ غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ الْعَقْدِ (الْبَحْرُ) .
أَمَّا إذَا لَمْ يُسَلِّمْهَا سَالِمَةً وَانْهَدَمَ الْبِنَاءُ بِسَبَبِ عِلْمِهِ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرُ الْأُجْرَةَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٨٦) (الْبَحْرُ) وَقَوْلُهُ (أَمَّا الْعِطَارَةُ) إلَخْ مِثَالٌ لِفِقْرَةِ (وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَا فَوْقَهَا) إلَخْ وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ الدَّابَّةَ عَلَى أَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسَ كَيْلَاتٍ شَعِيرًا أَنْ يُحَمِّلَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute