للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَالِثًا - الْوَلِيُّ وَالْوَصِيُّ وَالنَّاظِرُ مُطَالَبُونَ بِالْأَشْيَاءِ الَّتِي يَلْزَمُ دَفْعُهَا وَأَدَاؤُهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِمْ شَيْءٌ مَثَلًا لَوْ أَتْلَفَ صَبِيٌّ مَالَ آخَرَ وَلَزِمَهُ الضَّمَانُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٩١٦) فَيُطَالَبُ وَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ بِأَدَاءِ ضَمَانِهِ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ فَذَلِكَ إنَّمَا ثَبَتَ فِي ذِمَّةِ الصَّبِيِّ وَلَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ فِي ذِمَّةِ وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ. وَمِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّيْءَ الثَّابِتَ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَفِي الْكَفَالَةِ بِالْأَعْيَانِ الْمُطَالَبَةُ فَقَطْ. لِأَنَّ فِيهِمَا لَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ دَيْنٌ وَلَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ غَيْرُ الْمُطَالَبَةِ كَمَا أَنَّهُ مِنْ الظَّاهِرِ أَنَّ الْكَفِيلَ لَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنٌ. لَكِنْ مِمَّا لَا رَيْبَ فِيهِ فِي الْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ أَنَّ الشَّيْءَ الثَّابِتَ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ الدَّيْنُ وَحَقُّ الْمُطَالَبَةِ مَعًا أَمَّا الْكَفِيلُ فَهَلْ يَكُونُ الشَّيْءُ الثَّابِتُ فِي ذِمَّتِهِ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ أَمْ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ مَعَ الدَّيْنِ؟ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنَّ الشَّيْءَ الثَّابِتَ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ هُوَ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ الدَّيْنُ. وَقَدْ بَيَّنَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَابْنُ الْهُمَامِ مِنْ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الْأَصَحُّ وَدَلِيلُ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ رَأَوْا هَذَا الرَّأْيَ هُوَ:

أَوَّلًا: إنَّ التَّوَثُّقَ الَّذِي يُوجِبُ الْكَفَالَةَ يَحْصُلُ بِثُبُوتِ حَقِّ الْمُطَالَبَةِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ وَلَا حَاجَةَ إلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا مَرَّ مَعَنَا فِي مِثَالِ الْوَلِيِّ وَأَمْثَالِهِ فَمَا دَامَ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا بِدُونِ ثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يُسْتَلْزَمُ الْحُكْمُ بِثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ قَالَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَنْ الْفَتْحِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتَيْنِ وَإِنْ أَمْكَنَ شَرْعًا لَا يَجِبُ الْحُكْمُ بِوُقُوعِ كُلِّ مُمْكِنٍ إلَّا بِمُوجِبٍ وَلَا مُوجِبَ هُنَا لِأَنَّ التَّوْثِيقَ يَحْصُلُ بِالْمُطَالَبَةِ وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ اعْتِبَارِ الدَّيْنِ فِي الذِّمَّةِ.

ثَانِيًا - إنَّ الدَّيْنَ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ بَعْدَ الْكَفَالَةِ كَمَا كَانَ قَبْلَهَا وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُتَصَوَّرَ ثُبُوتُ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ يَكُونُ الدَّيْنُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ دَيْنَيْنِ وَذَلِكَ قَلْبٌ لِلْحَقِيقَةِ. وَعَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ ضَرُورَةٍ لَا يُرَى هَذَا الرَّأْيُ.

وَفِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ قَدْ وُجِدَتْ ضَرُورَةٌ لِاعْتِبَارِ الدَّيْنِ الْوَاحِدِ دَيْنَيْنِ فَلِذَلِكَ قَدْ حُكِمَ بِثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا وَهَبَ الدَّائِنُ أَيْ الْمَكْفُولُ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِالْمَكْفُولِ بِهِ عَلَى الْكَفِيلِ وَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا كَمَا جَاءَ فِي شَرْح الْمَادَّةِ (٦٦٠) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا اشْتَرَى الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ الْكَفِيلِ مَالًا فِي مُقَابِلِ دَيْنٍ صَحَّ ذَلِكَ وَأَصْبَحَ الْكَفِيلُ بَرِيئًا مِنْ الْكَفَالَةِ. فَفِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ ضَرُورَةٌ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ وَإِلَّا لَكَانَ ذَلِكَ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ وَهَذَا بَاطِلٌ مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا مِنْ آخَرَ فِي مُقَابِلِ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>