وَيَضْمَنُ الْكَفِيلُ قِيمَتَهَا يَوْمَ غَصَبَهَا مِنْ مَكَانِهَا. وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ الشَّاةَ لِأَنَّ حَقَّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَغْصُوبِ فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ وَلَيْسَ فِي بَدَلِهِ. أَمَّا رَأْيُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْكَفَالَةَ بِشَاةٍ تُسْتَهْلَكُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ غَيْرُ جَائِزَةٍ لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّ حَقَّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ يَتَعَلَّقُ بِبَدَلِهِ وَلَيْسَ بِعَيْنِهِ وَعَلَى ذَلِكَ فَكَفَالَةُ تِلْكَ الشَّاةِ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ كَفَالَةٌ بِمَا لَا يَلْزَمُ عَلَى الْأَصِيلِ أَدَاؤُهُ فَلِذَلِكَ فَالْكَفَالَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) . مَثَلًا إذَا تَلِفَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ بَعْدَ كَفَالَتِهِ وَلَزِمَتْ قِيمَتُهُ وَاخْتَلَفَ الْكَفِيلُ وَالْمَكْفُولُ لَهُ فِي مِقْدَارِهَا فَإِنْ أَقَامَ الْمَكْفُولُ لَهُ الْبَيِّنَةَ فَبِهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٧٦) .
وَإِذَا أَقَرَّ الْغَاصِبُ بِزِيَادَةٍ فَيَجِبُ أَنْ يُؤَاخَذَ بِهَا لَكِنَّ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ لَا يَسْرِي عَلَى الْكَفِيلِ الْمَذْكُورِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٧٨) وَقَدْ مَرَّ مَعَنَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ. أَمَّا إذَا حُكِمَ عَلَى الْأَصِيلِ بِالزِّيَادَةِ بَعْدَ اسْتِحْلَافِهِ عَلَى الْقِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ وَنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ إقْرَارُ الْأَصِيلِ وَدَعْوَاهُ أَنَّ قِيمَةَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ خَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ وَادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِأَنَّهَا أَلْفٌ وَنَكَلَ الْأَصِيلُ عَنْ الْيَمِينِ لَدَى اسْتِحْلَافِهِ لَزِمَ الْأَصِيلَ أَلْفٌ وَالْكَفِيلَ - كَمَا هُوَ إقْرَارُ الْأَصِيلِ - خَمْسُمِائَةٍ. وَإِذَا ادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنَّ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ أَلْفٌ وَسَكَتَ الْأَصِيلُ وَلَدَى اسْتِحْلَافِهِ نَكَلَ مِنْ الْيَمِينِ فَكَمَا تَلْزَمُ الْأَصِيلَ الْأَلْفُ تَلْزَمُ الْكَفِيلَ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) .
وَكَذَلِكَ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إنْ كَانَ قَدْ سَمَّى ثَمَنَهُ وَيُجْبَرُ الْكَفِيلُ عَلَى إيفَائِهِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الْآنِفَةِ لَدَى الْمُطَالَبَةِ عَيْنًا أَوْ بَدَلًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ (٢٩٨) . وَقَوْلُهُ فِي الْمَجَلَّةِ (إنْ كَانَ قَدْ سَمَّى ثَمَنَهُ) قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ كَمَا هُوَ مُعَيَّنٌ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (٢٩٨) وَبِمَا أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْفِقْرَةِ (وَلَا تَصِحُّ كَفَالَةُ الْمَرْهُونِ. .. إلَخْ) مِنْ هَذِهِ فَلَا تَصِحُّ فِيهَا الْكَفَالَةُ. كَذَلِكَ الْمَالُ الَّذِي يُبَاعُ بَيْعًا فَاسِدًا يَكُونُ مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ عَلَى الْأَصِيلِ وَيَلْزَمُ إيفَاؤُهُ عَيْنًا أَوْ بَدَلًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٣٧١) . فَالْكَفَالَةُ بِهِ أَيْضًا صَحِيحَةٌ (الْمُلْتَقَى، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَأَمَّا الْكَفَالَةُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ أَيْ مَالِيَّتِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا كَانَ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ. فِي يَدِ الْبَائِعِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (٢٩٣) شَرْحًا وَمَتْنًا لَا تَكُونُ عَيْنُ الْمَبِيعِ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ بَلْ إنَّمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ رَدُّ ثَمَنِهِ إنْ كَانَ قَدْ قَبَضَهُ (عَزْمِي زَادَهْ) . الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ مَضْمُونٌ بِغَيْرِهِ أَيْ بِثَمَنِ الْبَيْعِ وَيَكُونُ بَعْدَهُ مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ.
لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ أَيْضًا لَزِمَ أَنْ يَجْتَمِعَ ضِمْنَانِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ يُخَالِفُ بَعْضُهُمَا بَعْضًا فِي ذِمَّةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا لَيْسَ بِجَائِزٍ وَكَذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِعَيْنِ الْمَالِ الْمَرْهُونِ وَالْمَالِ الْمُسْتَعَارِ وَالْمَأْجُورِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute