وَمَالُ الشَّرِكَةِ، الْوَدِيعَةِ، وَالْمَالُ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ وَسَائِرُ الْأَمَانَاتِ لِكَوْنِهَا غَيْرَ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْأَصِيلِ بِنَفْسِهَا وَإِنْ اكْتَسَبَتْ الْأَمَانَاتُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَ الْكَفَالَةِ صِفَةَ الْمَضْمُونِيَّةِ فَلَا تَنْقَلِبُ الْكَفَالَةُ إلَى الصِّحَّةِ. مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ الْوَدِيعَةِ ذَلِكَ وَاكْتُسِبَتْ الْوَدِيعَةُ بِاسْتِهْلَاكِ الْوَدِيعِ إيَّاهَا بَعْدَ ذَلِكَ صِفَةَ الْمَضْمُونِيَّةِ عَلَى الْوَدِيعِ فَلَا تَنْقَلِبُ الْكَفَالَةُ السَّابِقَةُ إلَى الصِّحَّةِ وَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ ضَمَانٌ. (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْكَفَالَةِ) .
وَالْكَفَالَةُ بِالْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ غَيْرُ جَائِزَةٍ كَمَا مَرَّ مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ ثَوْبًا إلَى الْخَيَّاطِ عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ وَكَفَلَ أَحَدٌ بِذَلِكَ الثَّوْبِ فَعَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْأَجِيرِ أَمَّا هَذِهِ الْكَفَالَةُ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامَيْنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَهِيَ صَحِيحَةٌ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ فِي يَدِ الْأَجِيرِ عَلَى رَأْيِهِمَا مَضْمُونٌ (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٦٠٧) . وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (لِكَوْنِهَا غَيْرَ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْأَصِيلِ) يُرَادُ بِهِ كَمَا أُشِيرَ فِي الشَّرْحِ أَلَّا تَكُونَ مَضْمُونَةً بِنَفْسِهَا. لِأَنَّ الْأَعْيَانَ تَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ أَوْ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - مَا تَكُونُ مَضْمُونَةً بِنَفْسِهَا عَلَى الْأَصِيلِ بِالْقِيمَةِ وَالْبَدَلِ كَالْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَبِيعِ الَّذِي يُقْبَضُ بِطَرِيقِ سَوْمِ الشِّرَاءِ وَيُسَمَّى ثَمَنُهُ أَوْ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْيَانِ الَّتِي يَلْزَمُ بَدَلُهَا عِنْدَ الْهَلَاكِ، وَيَلْزَمُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٨٩١) الْغَاصِبَ ضَمَانُ بَدَلِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ عِنْدَ التَّلَفِ كَمَا صَارَ تَقْرِيرُهُ آنِفًا (الْبَحْرُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الْقِسْمُ الثَّانِي - مَا كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَى الْأَصِيلِ بِغَيْرِهَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى مَا لَا يَلْزَمُ تَأْدِيَةُ بَدَلِهَا عِنْدَ الْهَلَاكِ بَلْ يَلْزَمُ شَيْءٌ آخَرُ كَالْمَرْهُونِ وَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. مَثَلًا لَوْ تَلِفَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ تَأْدِيَةُ بَدَلِهِ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ الَّذِي فِي مُقَابِلِهِ كَمَا ذُكِرَ مُجْمَلًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٤١٠) . وَكَمَا سَيُذْكَرُ مُفَصَّلًا فِي كِتَابِ الرَّهْنِ. وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ الْمَرْهُونَ لَيْسَ مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ وَوَاجِبًا فَلَا يَجِبُ ضَمَانُهُ عَلَى الْكَفِيلِ. وَقَدْ أَطْلَقَهُ هُنَا فَشَمِلَ مَا إذَا ضَمِنَ الرَّهْنَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ أَوْ عَكْسُهُ (الْبَحْرُ) وَذَلِكَ كَمَالِ الشَّرِكَةِ، وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَالْعَارِيَّةِ، وَالْمَأْجُورِ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَالْمَالِ الَّذِي يُقْبَضُ بِطَرِيقِ سَوْمِ النَّظَرِ وَالْمَالِ الَّذِي يَقْبِضُ بِطَرِيقِ سَوْمِ الشِّرَاءِ وَلَمْ يُسَمَّ لَهُ ثَمَنٌ. فَلَا يَجِبُ فِي هَذِهِ عَلَى الْكَفِيلِ ضَمَانٌ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَضْمُونَةً عَلَى الْأَصِيلِ (الْبَحْرُ) وَهُنَا يُفْهَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ الْمَرْهُونَ مَضْمُونٌ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَكِنْ لَيْسَ بِنَفْسِهِ أَيْ بِبَدَلِهِ بَلْ بِغَيْرِهِ أَيْ بِالدَّيْنِ الَّذِي يُقَابِلُهُ. لَكِنَّ الْكَفَالَةَ فِيهَا تَكُونُ مُضَافَةً إلَى سَبَبِ الضَّمَانِ أَوْ مُعَلَّقَةً وَلَكِنْ لَوْ قَالَ الْكَفِيلُ أَنَا كَفِيلٌ لَوْ أَضَاعَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ أَيْ (الْمَرْهُونُ وَالْمُسْتَعَارُ وَالْمَأْجُورُ وَالْأَمَانَاتُ السَّائِرَةِ) صَحَّتْ هَذِهِ الْكَفَالَةُ مُعَلَّقَةً كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي شَرْحٍ الْمَادَّةِ (٦٣٦) . لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْأَمِينُ الْأَمَانَةَ أَوْ تَلِفَتْ بِصُنْعِهِ تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٧٨٧) وَبِذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ يَجِبَ الضَّمَانُ عَلَى الْكَفِيلِ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِتَسَلُّمِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي وَبِتَسَلُّمِ هَؤُلَاءِ أَيْ الْمَرْهُونِ إلَى الرَّاهِنِ وَالْمُسْتَعَارِ إلَى الْمُعِيرِ، وَالْمَأْجُورِ إلَى الْآجِرِ وَالْأَمَانَاتِ السَّائِرَةِ إلَى أَصْحَابِهَا كَفَالَةً بِالتَّسْلِيمِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٦٤١) . وَعِنْدَ مُطَالَبَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute