الْمَكْفُولِ لَهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ.
لِذَوِي الْيَدِ حَقُّ حَبْسِهَا مِنْ جِهَةٍ يَكُونُ الْكَفِيلُ مُجْبَرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا. فَعَلَيْهِ كَمَا يَلْزَمُ رَدُّ الْمُسْتَعَارِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (٨٢٥ و ٨٣٠) وَتَسْلِيمُهُ إلَى أَصْحَابِهِ يَلْزَمُ رَدُّ الْمَرْهُونِ كَذَلِكَ بَعْدَ تَخْلِيصِهِ عَلَى وَجْهٍ شَرْعِيٍّ إلَى صَاحِبِهِ وَتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ كَمَا يَقْتَضِي تَسْلِيمَ الْوَدِيعَةِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٧٩٤) أَيْضًا وَتَسْلِيمُ الْمَأْجُورِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (٥٩٣ و ٥٩٤) . (الْبَحْرُ) . وَلَيْسَتْ الْكَفَالَةُ بِالتَّسْلِيمِ مُخْتَصَّةً بِهَؤُلَاءِ. وَتَصِحُّ فِي الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا أَيْضًا مَثَلًا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مَالًا لِآخَرَ وَكَفَلَ أَحَدٌ بِأَخْذِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ وَتَسْلِيمِهِ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَيُجْبَرُ الْكَفِيلُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَالِ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٨٩٠) وَلَوْ رُدَّ رَجَعَ عَلَيْهِ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ إذْ الْكَفِيلُ بِأَمْرٍ يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ وَشَمِلَ عَمَلُهُ أَجْرَ عَمَلِهِ وَلَوْ أَخَذَ بِهِ وَكِيلًا لَا يُجْبَرُ عَلَى رَدِّهِ لِتَبَرُّعِهِ بِخِلَافِ الْكَفِيلِ، (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) .
وَجَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَقُّ حَبْسِهَا) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَدِّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مَثَلًا فَلِلْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (٢٧٨) حَبْسُ الْمَبِيعِ كَمَا أَنَّهُ لِلْمُرْتَهِنِ إمْسَاكُ الْمَرْهُونِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (٧٢٩) إذَا لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْأَصِيلَ تَسْلِيمُهُمَا قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ وَالدَّيْنِ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِنَاءً عَلَى الْفِقْرَةِ الْخَامِسَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (٥٩٠) حَقُّ حَبْسِ الْمَأْجُورِ فَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِهِ حِينَئِذٍ. إلَّا أَنَّهُ كَمَا كَانَ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (٦٦٦) يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِوَفَاةِ الْمَكْفُولِ بِهِ كَذَلِكَ لَوْ تَلِفَتْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ أَيْ الْمَبِيعُ وَالْمَرْهُونُ وَالْمُسْتَعَارُ وَالْأَمَانَاتُ السَّائِرَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَتْ هَذِهِ الْكَفَالَةُ بِالتَّسْلِيمِ وَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ.
مَثَلًا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ أَوْ الْمَرْهُونُ أَوْ الْمَأْجُورُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْكَفِيلِ شَيْءٌ أَصْلًا أَيْ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ مَالًا مِنْ آخَرَ وَلَدَى إعْطَائِهِ الثَّمَنَ وَلَمَّا يَقْبِضُ الْمَبِيعَ وَكَفَلَ لَهُ شَخْصٌ بِتَسْلِيمِهِ الْمَبِيعَ الْمَذْكُورَ وَتَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلَا تَلْزَمُ الْكَفِيلَ قِيمَةُ الْمَبِيعِ وَلَا يَلْزَمْهُ إعَادَةُ الثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ إلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْكَفِيلِ كَفَالَةٌ بِهَؤُلَاءِ أَمَّا لُزُومُ الْبَائِعِ رَدُّ الثَّمَنِ فَقَدْ صَرَّحَتْ بِهِ هَذِهِ الْمَادَّةُ. لَوْ رَهَنَ أَحَدٌ مَالًا فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ عِنْدَ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَبَعْدَ أَنْ أَوْفَى دَيْنَهُ وَالْمَرْهُونُ لَمْ يَزَلْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَفَلَ تَسْلِيمَ ذَلِكَ الرَّهْنِ وَتَلِفَ الرَّهْنُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ. غَيْرَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي شَرْحِ كِتَابِ الرَّهْنِ - رَدُّ مَا قَبَضَ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الرَّاهِنِ لِسُقُوطِ الدَّيْنِ الَّذِي فِي مُقَابِلِ الرَّهْنِ (التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ الْوَاحِدِ وَالْعِشْرِينَ) . كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِالْأُجْرَةِ وَكَانَتْ عَيْنًا وَتَلِفَتْ تِلْكَ الْأُجْرَةُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ. أَمَّا الْمُسْتَأْجِرُ فَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْإِجَارَةِ) . وَفِي فِقْرَةِ (إلَّا أَنَّهُ كَمَا كَانَ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ لِوَفَاةِ الْمَكْفُولِ بِهِ) اسْتِطْرَادٌ وَبِمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ هِيَ مَسْأَلَةُ (كَذَلِكَ لَوْ تَلِفَتْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ. .. إلَخْ) فَلَا تُعَدُّ الْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْمَادَّةِ (٦٦٦) مُسْتَدْرِكَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute