للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْمَكْفُولِ بِهِ تُعْطَى مُهْلَةٌ لِلْكَفِيلِ إلَى مُضِيِّ تِلْكَ الْأَيَّامِ وَبَعْدَ مُضِيِّهَا يُطَالِبُ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ بِالْمَكْفُولِ بِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ وَعَلَى الْكَفِيلِ أَنْ يُسَلِّمَهُ لَهُ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَطْلُبَ ثَانِيًا مُهْلَةً كَذَا يَوْمًا مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِأَلْفِ قِرْشٍ مَطْلُوبَةٍ مِنْ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ مَتَى طَالَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ فَلَهُ مُهْلَةُ شَهْرٍ فَمِنْ وَقْتِ مُطَالَبَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ يُعْطَى مُهْلَةً لِلْكَفِيلِ إلَى مُضِيِّ شَهْرٍ وَبَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ يُطَالِبُ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ بِالْمَكْفُولِ بِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُطَالِبَ ثَانِيًا مُهْلَةَ شَهْرٍ.

لَكِنْ إذَا وَقَعَتْ الْكَفَالَةُ بِلَفْظِ (كَفَلَتْهُ بِكَذَا عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا طَلَبْته مِنِّي فَلِي أَجَلُ شَهْرٍ) مِمَّا يُوجِبُ تَكْرَارَ الْمُطَالَبَةِ وَالْمُهْلَةِ يَنْظُرُ: فَإِذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ مَالِيَّةً يُجْبَرُ الْكَفِيلُ بَعْدَ مُرُورِ الشَّهْرِ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَالِ الْمَكْفُولِ بِهِ وَيَبْرَأُ بِهَذَا التَّسْلِيمِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (٦٥٩) . وَلَا يُطَالَبُ بِهِ بَعْدُ لِأَنَّ الْحَقَّ الْوَاحِدَ لَا يُسْتَوْفَى مَرَّتَيْنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٦٥١) وَلَا يَبْقَى شَيْءٌ لِلْمُطَالَبَةِ مَرَّةً ثَانِيَةً. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ نَفْسِيَّةً فَالْكَفِيلُ مُجْبَرٌ أَيْضًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ بَعْدَ مُرُورِ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ لَكِنْ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ هَذِهِ الْكَفَالَةِ لِأَنَّ لَفْظَ (كُلَّمَا) أَيْ الْقَوْلَ الَّذِي يَسْتَلْزِمُ التَّكْرَارَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِمَّا يَجْعَلُ الطَّلَبَ الْأَوَّلَ بَعْدَ التَّسْلِيم لَا حُكْمَ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ التَّسْلِيمُ مَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَبُ مُكَرَّرًا بَعْدَ التَّسْلِيمِ الْمَذْكُورِ وَلِلْكَفِيلِ إذَا وَقَعَتْ الْمُطَالَبَةُ تَكْرَارًا أَنْ يُطَالِبَ بِكَذَا أَيَّامًا مُهْلَةً اعْتِبَارًا مِنْ تِلْكَ الْمُطَالَبَةِ.

وَبَعْدَ مُرُورِ هَذِهِ الْمُهْلَةِ فَلِلْمَكْفُولِ الْمُطَالَبَةُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ. وَقَدْ تُكَرَّرُ هَذِهِ الْمُطَالَبَاتُ وَيَلْزَمُ التَّسْلِيمُ وَالْمُهْلَةُ مِرَارًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ. مَا لَمْ يُقِرَّ الْكَفِيلُ لَدَى التَّسْلِيمِ مَرَّةً وَاحِدَةً (إنَّنِي بَرِيءٌ مِنْ تَكْرَارِ التَّسْلِيمِ فِي الْآتِي) وَعَلَى ذَلِكَ فَبِمَا أَنَّ الْكَفِيلَ يَبْرَأُ بِالتَّسْلِيمِ الْأَوَّلِ لَا يُجْبَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ تَكْرَارًا بِمُطَالَبَتِهِ ثَانِيَةً (الْبَزَّازِيَّةُ اُنْظُرْ فِقْرَةَ وَلَكِنَّ. .. إلَخْ) مِنْ مَادَّةِ (٦٤٠) . قِيلَ إذَا (شُرِطَتْ الْمُهْلَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ) لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ تَقَعَ الْكَفَالَةُ عَلَى أَنَّهَا فِي الْحَالِ قَابَلَ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ قَائِلًا (كُلَّمَا طَالَبَك فَلَكَ مُهْلَةُ شَهْرٍ) فَهَذَا كَلَامٌ بَاطِلٌ وَلِلْمَكْفُولِ لَهُ مُطَالَبَتُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي نَوْعِ إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ لَهُ غَائِبًا) .

(٤) وَكَذَا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ أَنَا كَفِيلٌ بِمَا يَثْبُتُ لَك عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي تُقْرِضُهُ فُلَانًا أَوْ بِمَا يَغْصِبُهُ مِنْك فُلَانٌ أَوْ بِثَمَنِ مَا تَبِيعُهُ لِفُلَانٍ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ مُضَافَةً وَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ إلَّا عِنْدَ تَحَقُّقِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ أَيْ عِنْدَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ وَالْإِقْرَاضِ بِإِقْرَارِ الْأَصِيلِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ وَتَحَقُّقِ الْغَصْبِ وَبَيْعِ الْمَالِ وَتَسْلِيمِهِ. وَفِي آخِرِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْضُ الْإِيضَاحَاتِ: وَعَلَى ذَلِكَ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بَعْدَ أَنْ يَكْفُلَ بِالْمُبَايَعَةِ بِثَمَنِ جَمِيعِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْهُ الطَّالِبُ مِنْ أَيِّ جِنْسٍ كَانَ الْمَالُ وَمَهْمَا كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي بِيعَ بِهِ وَلِلطَّالِبِ فِي حَالِ إنْكَارِ الْكَفِيلِ وَالْأَصِيلِ الْبَيْعَ وَالتَّسْلِيمَ أَنْ يُثْبِتَهُ إنْ شَاءَ فِي مُوَاجِهَةِ الْأَصِيلِ أَوْ فِي مُوَاجِهَةِ الْكَفِيلِ. وَيَلْزَمُ الثَّمَنَ الِاثْنَيْنِ أَيًّا وَاجَهَ مِنْهُمَا حِينَ الْإِثْبَاتِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (١٨٣٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>