وَجَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (أَنَا كَفِيلٌ بِثَمَنِ مَا تَبِيعُهُ مِنْ فُلَانٍ إلَخْ) لِأَنَّ ضَمَانَ الْخُسْرَانِ بَاطِلٌ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ خُذْ وَأَعْطِ مَعَ فُلَانٍ أَيْ تَبَايَعْ مَعَهُ فَأَنَا ضَامِنٌ لِكُلِّ خَسَارَةٍ تَلْحَقُك فَلَا يَصِحُّ الضَّمَانُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّ هَذِهِ الْخَسَارَةَ لَيْسَتْ بِمَضْمُونَةٍ عَلَى الْأَصِيلِ.
(٣) كَذَا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ أَنَا كَفِيلٌ بِثَمَنِ الْفَرَسِ الَّتِي سَتَبِيعُهَا مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ بَاعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ حِنْطَةً فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ.
(٣) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ إنَّ الْقَرْضَ الَّذِي سَتُعْطِيهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ وَاشْتَرَى ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ الْمَكْفُولِ لَهُ مَالًا فَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِثَمَنِ الْمَالِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ) .
(٣) كَذَا لَوْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ عَلَى أَنْ أُحْضِرَهُ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ مُضَافَةً وَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَقَدْ قُيِّدَ الشَّرْطُ فِي أَثْنَاءِ الشَّرْحِ بِالْمُتَعَارَفِ وَالْمُلَائِمِ لِلْكَفَالَةِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ عَلَى شَرْطٍ لَيْسَ بِمُتَعَارَفٍ وَلَا مُلَائِمٍ لِلْكَفَالَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْكَفَالَةُ نَفْسِيَّةً أَوْ مَالِيَّةً أَوْ تَسْلِيمِيَّةً، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَا حُكْمَ لِذَلِكَ التَّعْلِيقِ وَإِنْ وَقَعَ الشَّرْطُ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ الْمَكْفُولُ بِهِ وَسَبَبُ ذَلِكَ: مُشَابَهَةُ الْكَفَالَةِ النَّذْرَ ابْتِدَاءً وَالْبَيْعَ انْتِهَاءً فَمَعَ أَنَّ مُشَابَهَتَهَا لِلنَّذْرِ تُوجِبُ جَوَازَ تَعْلِيقِهَا عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الشَّرْطِ فَمُشَابَهَتُهَا لِلْبَيْعِ تَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِ التَّعْلِيقِ عَلَى شَرْطٍ مَا. وَلِذَلِكَ فَقَدْ عَمِلَ الْفُقَهَاءُ بِالْمُشَابَهَتَيْنِ مَعًا فَقَالُوا بِعَدَمِ جَوَازِ تَعْلِيقِهَا عَلَى الشَّرْطِ غَيْرِ الْمُلَائِمِ لِمُشَابَهَتِهَا الْبَيْعَ وَبِجَوَازِ تَعْلِيقِهَا عَلَى الشَّرْطِ الْمُلَائِمِ لِمُشَابَهَتِهَا النَّذْرَ.
مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ تَسَاقَطَتْ الْأَمْطَارُ أَوْ قَدِمَ فُلَانٌ الْأَجْنَبِيُّ فَأَنَا كَفِيلٌ بِمَا عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ فَلَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ مَثَلًا فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى طَرَفِ الْكَفِيلِ شَيْءٌ مَالِيٌّ وَتَبْطُلُ الْكَفَالَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى أَنَّ الْكَثِيرِ مِنْ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ يَقُولُ بِلُزُومِ الضَّمَانِ فِي الْحَالِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى انْتِظَارِ وُجُودِ الشَّرْطِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ فِيهَا بَاطِلٌ وَالْكَفَالَةُ صَحِيحَةٌ. لَكِنَّ أَصْحَابَ التَّبْيِينِ، وَالْبَحْرِ، وَالنَّهْرِ، وَالْمُلْتَقَى، قَالُوا بِبُطْلَانِ الْكَفَالَةِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ وُجِدَ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْخَانِيَّةِ مُحَرَّرًا وَمَسْطُورًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ الْمَذْكُورِ وَعَلَى ذَلِكَ فَقَدْ شُرِحَتْ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِالْمُبَايَعَةِ عَلَى مَا مَرَّ مَعَنَا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَقَالَ لَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ بَعْدَ الْكَفَالَةِ هَذِهِ أَعْطِنِي كَذَا قِرْشًا لِأَنَّ بِعْت الْمَالَ الْفُلَانِيَّ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَيْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَصَدَّقَهُ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ مُنْكِرٌ.
يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْمَالُ الْمُدَّعَى بَيْعُهُ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ، يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ لِأَنَّهُمَا يُخْبِرَانِ بِالشَّيْءِ اللَّذَيْنِ يُمْكِنُهُمَا إنْشَاؤُهُ وَكُلُّ مَنْ أَخْبَرَ بِشَيْءٍ يُمْكِنُهُ إنْشَاؤُهُ فِي الْحَالِ يُقْبَلُ كَلَامُهُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَالُ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ فَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالثَّمَنِ مَا لَمْ يُقِمْ الطَّالِبُ بَيِّنَةً عَلَى بَيْعِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) . وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ ادَّعَى الطَّالِبُ أَنَّهُ بَاعَهُ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَصَدَّقَهُ الْأَصِيلُ وَقَالَ الْكَفِيلُ إنَّكَ بِعْته بِخَمْسِمِائَةٍ فَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ وَيُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِأَلْفٍ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute