للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَا لَا دَخَلَ لِمَنْ يَكْفُلُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ بَعْدَ تَأْدِيَتِهِ إيَّاهُ فِي الْمَبِيعِ الَّذِي فِي يَدِهِ لِلْبَائِعِ وَلَمْ يُسَلَّمْ إلَى الْمُشْتَرِي أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَبِيعَ وَيُوقِفَهُ فِي يَدِهِ اسْتِنَادًا عَلَى الْمَادَّةِ (٢٧٨) لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ (التَّنْقِيحُ) يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ (اُكْفُلْنِي عَنْ دَيْنِي) أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي رُجُوعِ الْكَفِيلِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَنْ تَقَعَ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ.

وَالْأَمْرُ إمَّا أَنْ يَكُونَ حَقِيقِيًّا أَوْ حُكْمِيًّا.

الْأَمْرُ الْحَقِيقِيُّ: هُوَ كَقَوْلِ الْمَدِينِ لِأَحَدٍ: اُكْفُلْنِي عَنْ دَيْنِي الَّذِي لِفُلَانٍ كَمَا جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ.

وَلْنُوَضِّحْ الْأَمْرَ الْحُكْمِيَّ بِأَمْثِلَةٍ ثَلَاثَةٍ:

الْمِثَالُ الْأَوَّلُ - كَكَفَالَةِ الْأَبِ بِمَهْرِ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ.

مَثَلًا لَوْ اُسْتُوْفِيَ الْمَهْرُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ وَفَاةِ الْأَبِ مِنْ تَرِكَتِهِ فَلِلْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ مُرَاجَعَةُ حِصَّةِ الِابْنِ الْمَذْكُورِ مِنْ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ يُعَدُّ بِكَفَالَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ كَفِيلًا بِالْأَمْرِ لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ. (فَإِنْ أَدَّى بِنَفْسِهِ فَإِنْ أَشْهَدَ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا كَفَالَةُ الِابْنِ الْكَبِيرِ بِدُونِ أَمْرٍ فَتُعَدُّ تَبَرُّعًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .

وَفِي الْكَفَالَةِ بِالْأَمْرِ هَذِهِ لِلْكَفِيلِ أَنْ يُرَاجِعَ الْأَصِيلَ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ وَقَبِلَتْ بِهِ الْمَجَلَّةُ آنِفًا وَلَوْ لَمْ يَشْرُطْ رُجُوعَ الْكَفِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْأَصِيلِ أَوْ لَمْ يَشْرُطْ ضَمَانَ الْأَصِيلِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ إذَا أَدَّاهُ الْكَفِيلُ.

وَإِذَا أَنْكَرَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ الْأَمْرَ فَلِلْكَفِيلِ إثْبَاتُ ذَلِكَ (الْبَزَّازِيَّةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٧٦) .

مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِبَدَلِ الْإِجَارَةِ بِأَمْرِ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (٦٧٢) وَبَعْدَ أَنْ أَدَّى الْبَدَلَ إلَى الْآجِرِ فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. وَقَوْلُهُ: (دَيْنِي) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَفِيلَ بِالْأَمْرِ مَتَى أَدَّى مَا يَجِبُ عَلَى الْأَصِيلِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ.

وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ ذَلِكَ.

مَثَلًا لَوْ كَفَلَ بِبَدَلِ الْإِجَارَةِ وَقَبْلَ أَنْ تَلْزَمَ الْمُسْتَأْجِرَ الْأُجْرَةُ أَدَّى الْكَفِيلُ بَدَلَ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ فِي الْحَالِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ) وَسَنُوَضِّحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْآتِي.

وَالْوَاقِعُ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِلَا أَمْرٍ وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَهِيَ تَبَرُّعٌ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ (الدُّرَرُ) .

مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنِ أَحَدٍ بِلَا أَمْرِ الْمَدِينِ وَبَعْدَ أَنْ قَبِلَ الطَّالِبُ أَيْ الدَّائِنُ الْكَفَالَةَ عَنْهُ بِهَا عِنْدَ سَمَاعِهِ بِوُقُوعِهَا أَدَّى الْكَفِيلُ الدَّيْنَ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ.

لِأَنَّ الْكَفَالَةَ الْوَاقِعَةَ بِمَا أَنَّهَا انْعَقَدَتْ عَلَى صُورَةٍ لَا تُوجِبُ الرُّجُوعَ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ وَقَوْلِ الْمَكْفُولِ لَهُ فَلَا تَنْقَلِبُ إلَى حَالَةٍ تُوجِبُ الرُّجُوعَ بَعْدُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ. وَرَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ الْحَوَالَةِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْكَفَالَةِ) .

لَكِنَّ هَذَا الْفَرْقَ يَكُونُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَا يَرَيَانِ أَنَّ الْكَفَالَةَ تَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ وَقَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ.

أَمَّا الْإِمَامُ الثَّانِي فَبِمَا أَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْكَفَالَةَ تَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ إيجَابِ الْكَفِيلِ فَلَيْسَ مِنْ تَفْرِيقٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>