للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ فَلِلطَّالِبِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْ الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِذَلِكَ الْإِبْرَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

أَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ إبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ وَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ.

بَرَاءَةُ الِاسْتِيفَاءِ، كَقَوْلِهِ: أَخَذْت مِنْك الْمَالَ الْمَكْفُولَ بِهِ أَوْ بِمَا أَنَّك قَدْ أَدَّيْت الدَّيْنَ فَذِمَّتُك بَرِيئَةٌ وَمَا شَأْنُهُ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ.

إذَا وَقَعَ شَكٌّ فِي الْبَرَاءَةِ هَلْ وَقَعَتْ بِإِبْرَاءِ إسْقَاطٍ أَوْ بِإِبْرَاءِ اسْتِيفَاءٍ يُسْأَلُ الطَّالِبُ (أَيْ الْمُبْرِئُ) أَيُّهُمَا أَرَادَ وَيُقْبَلُ جَوَابُهُ فِي ذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

ثَالِثًا: إذَا أَنْكَرَ الدَّائِنُ اسْتِيفَاءَ الدَّيْنِ وَكَانَ الْكَفِيلُ بِالْأَمْرِ إنْ أَوْفَاهُ إيَّاهُ فِي حُضُورِ الْأَصِيلِ وَحَلَفَ الْيَمِينَ وَاسْتَوْفَاهُ مِنْ الْكَفِيلِ مَرَّةً أُخْرَى فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ لِتَأْدِيَتِهِ الدَّيْنَ مَرَّةً ثَانِيَةً.

أَمَّا لَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَأَدَّى الْأَصِيلُ الدَّيْنَ فِي حُضُورِ الْكَفِيلِ بِالْأَمْرِ وَأَنْكَرَ الدَّائِنُ اسْتِيفَاءَهُ الدَّيْنَ وَحَلَفَ الْيَمِينَ وَاسْتَوْفَى الدَّيْنَ مَرَّةً ثَانِيَةً مِنْ الْكَفِيلِ فَلِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِهَذَا الْأَدَاءِ الثَّانِي، (الْأَنْقِرْوِيّ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ) .

رَابِعًا: إذَا ادَّعَى الْكَفِيلُ بِالْأَمْرِ أَدَاءَ الدَّيْنِ وَصَدَّقَهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ وَاسْتَوْفَى الطَّالِبُ الدَّيْنَ مَرَّةً ثَانِيَةً مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ بَعْدَ إنْكَارِهِ أَخْذَهُ وَحَلِفِهِ الْيَمِينَ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ. إلَّا أَنَّهُ إذَا أَقَامَ الْكَفِيلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَدَائِهِ الدَّيْنَ قُبِلَتْ مِنْهُ وَإِذَا كَانَ الطَّالِبُ غَائِبًا فَتُقَامُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ فِي مُوَاجَهَةِ الْأَصِيلِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٧٦) .

وَلَوْ أَنَّ الْآمِرَ قَالَ لِلْمَأْمُورِ: إنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفًا فَبِعْهُ فَرَسَك بِهَا، كَانَ هَذَا جَائِزًا فَإِنْ بَاعَهُ الْفَرَسَ بِهَا ثُمَّ اخْتَلَفَا، فَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ: بَاعَنِي إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْ الْفَرَسَ حَتَّى هَلَكَ فِي يَدِهِ، وَقَالَ الْآمِرُ وَالْبَائِعُ: لَا بَلْ قَبَضْته، فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ ثَبَتَ هَلَاكُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَذَلِكَ يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْعَقْدِ مِنْ الْأَصْلِ فَيَبْطُلُ بِهِ حُكْمُ الْمُقَاصَّةِ وَكَانَ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى غَرِيمِهِ وَهُوَ الْآمِرُ وَلَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ صَدَّقَهُ، أَمَّا لَوْ جَحَدَ الْآمِرُ قَبْضَ الطَّالِبِ فَأَقَامَ الْمَأْمُورُ بَيِّنَةً عَلَى الْآمِرِ عَلَى قَبْضِ الطَّالِبِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَكُونُ هَذَا قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْكَفَالَةِ) .

وَلَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَصِيلِ وَكَانَ الْمُؤَدَّى هُوَ الشَّيْءَ الَّذِي كَفَلَ بِهِ رُجُوعٌ عَلَيْهِ بِالْمُؤَدَّى وَإِذَا كَانَ الْمُؤَدَّى غَيْرَ مَا كَفَلَ بِهِ رُجُوعٌ عَلَيْهِ بِالشَّيْءِ الَّذِي كَفَلَهُ وَلَا اعْتِبَارَ لِلْمُؤَدَّى أَيْ أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى الْكَفِيلُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ شَيْئًا غَيْرَ الشَّيْءِ الَّذِي كَفَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِهِ؛ لِأَنَّ رُجُوعَ الْكَفِيلِ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ وَبِمَا أَنَّهُ يَكُونُ الْكَفِيلُ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ مَالِكًا لِلدَّيْنِ بَعْدَ أَدَائِهِ فَيَكُونُ كَالْكَفِيلِ الْأَصْلِيِّ فَكَمَا لِلدَّائِنِ الْأَصْلِيِّ أَنْ يَأْخُذَ دَيْنَهُ فَلِلْكَفِيلِ أَيْضًا أَخْذُهُ. فَصَارَ كَمَا إذَا مَلَكَ الْكَفِيلُ الدَّيْنَ بِالْإِرْثِ بِأَنْ مَاتَ الطَّالِبُ وَالْكَفِيلُ وَارِثُهُ فَإِنَّمَا لَهُ عَيْنُهُ وَكَذَا إذَا وَهَبَ الطَّالِبُ الدَّيْنَ لِلْكَفِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>