الْجَوَابُ - إنَّ انْتِقَالَ الدَّيْنِ بِلَا مُطَالَبَةٍ يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْمَلْزُومِ بِلَا لَازِمٍ وَهَذَا مُمْتَنِعٌ. وَلِهَذَا السَّبَبِ اكْتَفَتْ الْمَجَلَّةُ بِذَكَرِ الدَّيْنِ فَقَطْ، لِأَنَّهُ عِنْدَمَا يُذْكَرُ الدَّيْنُ تَكُونُ الْمُطَالَبَةُ كَأَنَّهَا قَدْ ذُكِرَتْ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ أَضَفْنَا شَرْحًا عِبَارَةَ (الْمُطَالَبَةِ) .
وَلَيْسَ فِي الْحَوَالَةِ - الَّتِي تُعْقَدُ عَلَى أَنْ يُؤَدَّى الدَّيْنُ مِنْ الْأَمَانَةِ الْوَارِدِ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (٩٦٤) - نَقْلُ دَيْنٍ كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي الْغَصْبِ عَلَى رَأْيِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْغَصْبِ رَدُّ الْعَيْنِ وَأَنَّ ضَمَانَ الْقِيمَةِ مُخَلَّصٌ
سُؤَالٌ (٢) - نَظَرًا لِلْمَادَّةِ (٦٩٤) لَا يُنْقَلُ الدَّيْنُ فِي الْحَوَالَةِ الْمَشْرُوطِ إعْطَاؤُهَا فِي مَالِ الْأَمَانَةِ، كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا عِنْدَ مَنْ يَقُولُونَ (الْوَاجِبُ فِي الْغَصْبِ هُوَ رَدُّ الْعَيْنِ وَأَنَّ ضَمَانَ الْقِيمَةِ مُخَلَّصٌ) الْجَوَابُ - الْحَوَالَةُ الْوَدِيعَةِ هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ وَكَالَةٌ.
سُؤَالٌ (٣) - لَا نَقْلَ لِلدَّيْنِ فِي الْحَوَالَةِ الْوَاقِعَةِ بِدُونِ إذْنِ الْمُحِيلِ، مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْحَوَالَةَ صَحِيحَةٌ. الْجَوَابُ - الْحَوَالَةُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُحِيلِ لَيْسَتْ حَوَالَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، لِأَنَّ الْحَوَالَةَ هِيَ الْإِحَالَةُ الْحَاصِلَةُ بِفِعْلِ الْمُحِيلِ وَهَذَا الْمَعْنَى فِي هَذِهِ مُنْتَفٍ، بَلْ فِيهَا شَطْرٌ مِنْ الْحَوَالَةِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اللُّزُومِ عَلَى الْمُحَالِ. وَأَمَّا الشَّطْرُ الْآخَرُ الَّذِي هُوَ انْتِقَالُ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدِينِ فَهُوَ مَفْقُودٌ (الْفَتْحُ وَأَبُو السُّعُودِ) . وَذَكَرَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنْ الْمَشَايِخِ أَنَّ الْحَوَالَةَ عِبَارَةٌ عَنْ نَقْلِ الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ وَأَنَّ الدَّيْنَ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ، وَذَكَرَ هَؤُلَاءِ الْمَشَايِخُ كَدَلِيلٍ عَلَى مُدَّعَيَاتِهِمْ الْمَوَادَّ الْآتِيَةَ:
أَوَّلًا - إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ إبْرَاءً صَحِيحًا. وَلَا يَكُونُ هَذَا الْإِبْرَاءُ مَرْدُودًا بَرِئَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ كَإِبْرَاءِ الْكَفِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (٦٦٠) ، فَيُفْهَمُ مِنْ عَدَمِ رَدِّ الْإِبْرَاءِ الْمَذْكُورِ بِالرَّدِّ أَنَّ الثَّابِتَ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَوَالَةِ هِيَ الْمُطَالَبَةُ فَقَطْ، وَالدَّيْنَ لَيْسَ بِثَابِتٍ. وَأَمَّا إسْقَاطُ الْمُطَالَبَةِ فَإِنَّهُ إسْقَاطٌ مَحْضٌ يَعْنِي غَيْرَ مُتَضَمِّنٍ التَّمْلِيكَ، وَرَدُّ الْإِسْقَاطِ الْمَحْضِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، فَلَوْ انْتَقَلَ الدَّيْنُ أَيْضًا إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَكَانَ مُتَضَمِّنًا التَّمْلِيكَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَرْدُودًا بِالرَّدِّ، كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الْمَادَّةِ (١٥٦٨) وَكَمَا لَوْ أَبْرَأَ الْمُحَالُ الْمُحِيلَ قَبْلَ الْحَوَالَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّمْلِيكِ (الْفَتْحُ) .
ثَانِيًا - إذَا أَوْفَى الْمُحِيلُ الدَّيْنَ أَيْ الْمُحَالَ بِهِ بَعْدَ الْحَوَالَةِ إلَى الْمُحَالِ لَهُ فَالْمُحَالُ لَهُ مَجْبُورٌ عَلَى الْقَبُولِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ انْتَقَلَ الدَّيْنُ بِالْحَوَالَةِ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْمُحِيلُ فِي هَذِهِ التَّأْدِيَةِ مُتَبَرِّعًا لَمَا كَانَ مَجْبُورًا عَلَى الْقَبُولِ، لِأَنَّهُ إذَا أَوْفَى شَخْصٌ ثَالِثٌ تَبَرُّعًا الدَّيْنَ الَّذِي لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ لَا يُجْبَرُ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى الْقَبُولِ، فَإِنْ شَاءَ قَبِلَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ، لِأَنَّ الْمُتَبَرِّعَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَكُونَ خَصْمًا لِلدَّائِنِ (قُطْلُوبُغَا) . تَفْصِيلٌ - إذَا أُحِيلَ دَيْنٌ ثُمَّ قَبْلَ أَنْ يَفِيَهُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ لِلْمُحَالِ لَهُ أَدَّاهُ الْمُحِيلُ لِلْمُحَالِ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute