يَكُونُ الْمُحَالُ لَهُ مَجْبُورًا عَلَى الْقَبُولِ، وَلَا يَكُونُ الْمُحِيلُ مُتَبَرِّعًا فِي هَذِهِ التَّأْدِيَةِ، لِأَنَّ بَرَاءَةَ الْمُحِيلِ مُوَقَّتَةٌ كَمَا سَيَجِيءُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٦٩٠) وَحَيْثُ إنَّ صُوَرَ رُجُوعِ الْمُحَالِ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ يَثْبُتُ بَعْضَ الْأَحْيَانِ فَالْمُحِيلُ يَكُونُ بِهَذِهِ التَّأْدِيَةِ أَوْفَى الدَّيْنَ كَامِلًا وَأَبَدًا وَيَكُونُ الْمُحِيلُ قَدْ اسْتَفَادَ بِالتَّأْدِيَةِ الْمَذْكُورَةِ، حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَ لِشَخْصٍ عَنْ آخَرَ دَيْنٌ أَلْفُ قِرْشٍ مُعَجَّلًا وَحَوَّلَ دَائِنُهُ عَلَى الْآخِرِ الْمَذْكُورِ مُؤَجِّلًا لِمُدَّةِ سَنَةٍ حَوَالَةً مُقَيَّدَةً وَبَعْدَ ذَلِكَ أَعْطَى هُوَ الدَّيْنَ لِلدَّائِنِ يَأْخُذُ مَطْلُوبَهُ مِنْ مَدِينِهِ مُعَجَّلًا، كَمَا لَوْ أَخَذَ الْمُحَالُ لَهُ مِنْ الْمُحِيلِ مَطْلُوبَهُ تَغَلُّبًا بِسَبَبِ أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ مُفْلِسٌ فَيَسْتَوْفِي الْمُحِيلُ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِالْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ، وَيَعُودُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ الَّذِي ذُكِرَ انْقِطَاعُهُ فِي الْمَادَّةِ (٦٩٢) . (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ)
. ثَالِثًا - إذَا وَكَّلَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحِيلَ بِقَبْضِ الْمُحَالِ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ انْتَقَلَ الدَّيْنُ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَصَارَ الْمُحِيلُ أَجْنَبِيًّا وَلَوْ كَانَ تَوْكِيلُ الْأَجْنَبِيِّ لِقَبْضِ الدَّيْنِ صَحِيحًا لَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ تَصِحَّ وَكَالَةً بِقَبْضِ الدَّيْنِ.
رَابِعًا - إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ بِالْمُحَالِ بِهِ عَلَى الْمُحِيلِ وَلَوْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ، وَأَمَّا إذَا وَهَبَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ بِهِ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ فِي الْحَوَالَةِ بِالْأَمْرِ. وَإِذَا كَانَ لِلْمُحِيلِ دَيْنٌ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ يَقَعُ التَّقَاصُّ بَيْنَهُمَا، فَلَوْ كَانَ الدِّينُ انْتَقَلَ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَوَجَبَ أَنْ يَتَسَاوَى حُكْمُ الْإِبْرَاءِ وَالْهِبَةِ وَأَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُحِيلِ فِي كِلْتَا. الصُّورَتَيْنِ أَيْضًا. وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ الْمَحْكِيِّ آنِفًا فِي مَوْضِعَيْنِ: - إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحِيلَ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ الْحَوَالَةِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ الْمُحِيلَ مِنْ أَصْلِهِ صَارَ بَرِيءَ الذِّمَّةِ مِنْ الدَّيْنِ بِالْحَوَالَةِ، وَيَصِحُّ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَيَصِيرُ الْمُحِيلُ بَرِيئًا مِنْ الدَّيْنِ، لِأَنَّ الدَّيْنَ بِالنَّظَرِ لِهَذَا الْقَوْلِ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَالْمُطَالَبَةَ فَقَطْ تَحَوَّلَتْ أَيْ انْتَقَلَتْ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِذَا حَوَّلَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ بِدَيْنِهِ عَلَى شَخْصٍ فَلَهُ بِالنَّظَرِ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ اسْتِرْدَادُ الْمَرْهُونِ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَمَا أَنَّ لِلرَّاهِنِ ذَلِكَ إذَا أَبْرَأَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الدَّيْنِ.
وَأَمَّا فِي الْقَوْلِ الثَّانِي فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ إذَا أَجَّلَ وَأَخَّرَ الْمُرْتَهِنُ مَطْلُوبَهُ مِنْ الرَّاهِنِ (الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَأَفْتَى بِالْقَوْلِ الثَّانِي فِي أَوَائِلِ مَبَاحِثِ الرَّهْنِ فِي كِتَابِ الْفَتْوَى أَيْضًا الْمُسَمَّى بِالْبَهْجَةِ وَصَمَّمَ فِي الْمُنْيَةِ أَنَّهُ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمُرْتَهِنُ إنْ أَحَالَ غَرِيمًا لَهُ عَلَى الرَّاهِنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُ الرَّهْنِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ التَّوَى (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ فِي الْحَوَالَةِ) رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٦٩٠) . تَوْفِيقُ الِاخْتِلَافِ: أَنْكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الِاخْتِلَافَ الْحَاصِلَ فِي انْتِقَالِ الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ بِالْحَوَالَةِ وَعَدَمِ انْتِقَالِ الدَّيْنِ أَوْ انْتِقَالِ الِاثْنَيْنِ مَعًا، وَقَالُوا: الْمَنْقُولُ هُوَ الْمُطَالَبَةُ فَقَطْ وَلَيْسَ الدَّيْنُ وَهَذَا غَيْرُ مَرْوِيٍّ نَصًّا عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ إنَّمَا ذَكَرَ الْمُشَارُ إلَيْهِ الْأَحْكَامَ الْمُتَشَابِهَةَ وَكَمَا أَنَّهُ أَوْجَبَ أَنَّ الْحَوَالَةَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute