عَلَيْهِ مُتَبَرِّعًا بِتَأْدِيَةِ الدَّيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِلْمُحِيلِ مَطْلُوبٌ عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَاصَّ مَا أَعْطَاهُ إلَى الْمُحَالِ لَهُ بِدَيْنِهِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ، حَتَّى إنَّهُ بَعْدَ أَنْ تُجْرَى الْحَوَالَةُ الْمُطْلَقَةُ بِدُونِ أَمْرِ الْمُحِيلِ لَوْ تُوُفِّيَ الْمُحَالُ لَهُ وَصَارَ الْمُحِيلُ وَارِثًا لَهُ يَأْخُذُ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ حَسَبَ الْوِرَاثَةِ، وَلَكِنْ إذَا أُجْرِيَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ فَلَيْسَ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَأْخُذَ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ أَدَّى الْمُحَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْمُحِيلُ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَحَيْثُ إنَّهُ سَيَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ بِنَاءً عَلَى أَمْرِ الْمُحِيلِ فَلَا يَكُونُ فَائِدَةٌ مِنْ ذَلِكَ (الذَّخِيرَةُ) . كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْكَفَالَةِ هُوَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٦٥٧) .
الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ وَالتَّصَدُّقِ وَالْوِرَاثَةِ - يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ عِنْدَمَا يُؤَدِّي الدَّيْنَ إلَى الْمُحَالِ لَهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ، لَكِنَّ تَعْبِيرَ (تَأْدِيَةٌ) هُنَا لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ وَالتَّصَدُّقَ حُكْمًا كَالتَّأْدِيَةِ.
وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا وَهَبَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ بِهِ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَقَبِلَ هَذَا الْأَخِيرُ أَيْضًا يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ.
وَإِنْ كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَدِينًا لِلْمُحِيلِ بِعَيْنِ الْجِنْسِ يَتَقَاصَّانِ بِالدَّيْنِ حَتَّى إنَّهُ لَيْسَ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَأْخُذَ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالدَّيْنِ (الدُّرَرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَمِثْلُهُ فِي (الذَّخِيرَةِ فِي الْكَفَالَةِ) ، كَمَا لَوْ قَالَ الْمُحَالُ لَهُ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ (تَرَكْتُ لَكَ الْمُحَالَ بِهِ) يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ وَيَسْتَفِيدُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَقَطْ مِنْ هَذَا التَّرْكِ. الْوِرَاثَةُ لِلْمُحَالِ لَهُ كَالْهِبَةِ إذَا تُوُفِّيَ الْمُحَالُ لَهُ وَبَرِئَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ وَارِثًا بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (٧٠٠) يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ لِلْمُحِيلِ مِنْ عَيْنِ الْجِنْسِ يَتَقَاصَّانِ (الْبَحْرُ وَالْهِنْدِيَّةُ وَالذَّخِيرَةُ) . لَا رُجُوعَ فِي الْإِبْرَاءِ - وَأَمَّا إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ وَقَبِلَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ. وَإِذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةً بِالدَّيْنِ مَثَلًا يَأْخُذُ الْمُحِيلُ الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِهِ. كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْكَفَالَةِ أَيْضًا كَانَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ، (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٦٥٧) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
الْخُلَاصَةُ فِي هَذَا أُمُورٌ خَمْسَةٌ:
الْأَوَّلُ - التَّأْدِيَةُ.
الثَّانِي - الْهِبَةُ.
الثَّالِثُ - التَّصَدُّقُ.
الرَّابِعُ - الْوِرَاثَةُ.
وَالْخَامِسُ - الْإِبْرَاءُ.
وَذُكِرَتْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا وَفُصِّلَتْ آنِفًا.
إذَا أَدَّى أَجْنَبِيٌّ الْمُحَالَ بِهِ فَحَقُّ الرُّجُوعِ مَوْجُودٌ أَيْضًا - ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ أَنَّهُ إذَا أَدَّى الْمُحَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ فَلَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُحِيلِ، وَإِذَا لَمْ يُؤَدِّ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ، بَلْ أَدَّاهُ فُضُولِيٌّ مِنْ قِبَلِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَبَرُّعًا فَلِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ أَيْضًا عَلَى الْمُحِيلِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ: إذَا أَدَّى فُضُولِيٌّ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ قِبَلِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَبَرُّعًا فَلِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ. وَأَمَّا إذَا أَدَّاهُ تَبَرُّعًا مِنْ طَرَفِ الْمُحِيلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute