بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧١٠) وَإِنْ تَكُنْ الْأَمَانَةُ الْمَذْكُورَةُ مَضْمُونَةً بِأَنْ اُسْتُهْلِكَتْ فَالْأَمَانَةُ حِينَئِذٍ تَخْرُجُ مِنْ كَوْنِهَا أَمَانَةً وَتُعَدُّ مَغْصُوبَةً، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ: وَلَوْ أَنَّ الْأَمَانَةَ الْمَذْكُورَةَ اُسْتُهْلِكَتْ فَلَا يُؤْخَذُ بَدَلُ الْأَمَانَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ لَمْ يُرْهَنْ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مُقَابِلَ الْأَمَانَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ، بَلْ إنَّهُ رُهِنَ مُقَابِلَ الْأَمَانَةِ الْمَوْجُودَةِ وَغَيْرِ الْمَضْمُونَةِ، وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ آنِفًا بِالتَّفْصِيلِ.
قِيلَ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَجْبَرَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ عَلَى إعْطَاءِ الرَّهْنِ وَأَخَذَهُ جَبْرًا فَهَذَا الرَّهْنُ لَا يَكُونُ صَحِيحًا، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (١٠٠٦ وَ ١٠٠٧) رَدُّ الْمُحْتَارِ.
وَلِهَذَا إذَا بَاعَ رَجُلٌ لِآخَرَ مَالًا عَلَى أَنْ يَرْهَنَ شَيْئًا مُعَيَّنًا مُقَابِلَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. فَقَطْ لَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الرَّهْنِ إذَا امْتَنَعَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ عَقْدُ الْمُتَبَرِّعِ وَلَا إجْبَارَ عَلَيْهِ إنَّمَا يَكُونُ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ رَضِيَ بِالْبَيْعِ بِدُونِ رَهْنٍ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ الثَّمَنَ الْمَوْجُودَ مُقَابِلَهُ رَهْنٌ أَوْثَقُ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي لَا يُوجَدُ مُقَابِلَهُ رَهْنٌ، وَإِنَّ الرَّهْنَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَصْفٌ مَرْغُوبٌ لِلثَّمَنِ فَالْبَائِعُ مُخَيَّرٌ بِخُصُوصِ فَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ، وَيُعَبَّرُ عَنْ هَذَا بِوَصْفِ الثَّمَنِ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الرَّهْنِ) مَا لَمْ يَدْفَعْ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ سَلَفًا أَوْ يُعْطِ لِلْبَائِعِ قِيمَتَهُ رَهْنًا فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ لَا يَكُونُ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مَقْصُودُ الْبَائِعِ الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ وَتَوَثَّقَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي الْمَادَّةِ (١٨٧) ، وَلِهَذَا السَّبَبِ أَيْضًا بَعْدَ أَنْ يُرْهَنَ الْمَالُ وَيُسَلَّمَ إذَا ضُبِطَ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَسْتَطِيعُ الْمُرْتَهِنُ إجْبَارَ الرَّاهِنِ عَلَى إعْطَاءِ قِيمَةِ الرَّهْنِ الْمَضْبُوطِ أَوْ بَدَلِهِ؛ لِأَنَّ قَيْدَ التَّبَرُّعِ فِي الرَّهْنِ مُعْتَبَرٌ
(بَزَّازِيَّةٌ فِي الثَّالِثِ هِنْدِيَّةٌ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ وأنقروي) وَلِذَلِكَ أَيْضًا لَا يُمْكِنُ الدَّائِنُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَدِينِهِ مَالًا غَيْرَ جِنْسِ مَطْلُوبِهِ وَيُمْسِكَهُ عِنْدَهُ عَلَى سَبِيلِ الرَّهْنِ بِلَا إذْنِهِ فَإِذَا رَضِيَ الْمَدِينُ مُؤَخَّرًا وَأَجَازَ ذَلِكَ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ، وَإِذَا لَمْ يَرْضَ يَكُونُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَغَصْبًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الرَّهْنِ) وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ غَيْرِهِ بِدُونِ إذْنِهِ مُقَابِلَ دَيْنِهِ فَإِذَا فَعَلَ وَلَمْ يُخْبِرْ صَاحِبَ الْمَالِ يُدْعَى وَيَسْتَرِدُّ هَذَا مَالَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ بِحُضُورِ الرَّاهِنِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٦) ، وَلَا يَقْدِرُ الْأَبُ أَيْضًا أَنْ يَرْهَنَ مُقَابِلَ دَيْنِهِ مَالَ ابْنِهِ الْكَبِيرِ بِدُونِ إذْنِهِ فَإِذَا فَعَلَ يَسْتَرِدُّهُ بِحُضُورِ الرَّاهِنِ أَوْ وَارِثِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٦٣٧) ، وَلِهَذَا السَّبَبِ أَيْضًا إذَا ارْتَهَنَ شَخْصٌ مِنْ امْرَأَةٍ دَارًا وَبَعْدَ قَبْضِهَا وَفِي غَيْبَةِ الْمَرْأَةِ حَضَرَ شَخْصٌ آخَرُ وَأَعْطَى دَيْنَهَا فُضُولِيًّا وَارْتَهَنَ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ مُقَابِلَ الْمَبْلَغِ الَّذِي أَدَّاهُ وَكَفَلَ أَيْضًا بَعْضُ الْجِيرَانِ الْمَبْلَغَ فَيُمْكِنُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْتَرِدَّ الدَّارَ عِنْدَ حُضُورِهَا وَلَا يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَنْ يُطَالِبَهَا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِأَدَاءِ دَيْنِهَا بِدُونِ إذْنِهَا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٥٠٦) ، وَلَا يَسُوغُ أَيْضًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ أَوْفَى الْحَقَّ الْمُسْتَحَقَّ لَهُ مُتَبَرِّعًا وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ عَلَى الْجِيرَانِ الَّذِينَ كَفَلُوا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمْ بِكَفَالَتِهِمْ وَضَمَانِهِمْ لِشَيْءٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ لَا تَكُونُ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةً (تَنْقِيحٌ) ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٦١٢) .
وَتَفْصِيلُ كَيْفِيَّةِ الْمُرَاجَعَةِ وَالتَّضْمِينِ عِنْدَ ظُهُورِ مُسْتَحِقٍّ لِلرَّهْنِ بَعْدَ هَلَاكِهِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ هُوَ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute