فِي الْمَادَّةِ (١٤٦١) رَسُولًا بَيْنَ الِاثْنَيْنِ حَتَّى إنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ بَعْدَئِذٍ اسْتِرْدَادُ الْمَرْهُونِ وَلَا يُطَالِبُ أَيْضًا بِالْمَبْلَغِ، وَأَمَّا إذَا عَقَدَ الرَّهْنَ قَائِلًا: خُذْ هَذَا الْمَالَ رَهْنًا وَأَقْرِضْنِي مِائَةَ قِرْشٍ فَالْمَبْلَغُ يَكُونُ مَالَهُ وَيُمْكِنُهُ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ لِآمِرِهِ الَّذِي هُوَ ذَلِكَ الشَّخْصُ، وَإِذَا تَلِفَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْآخَرِ يَكُونُ تَلِفَ مِنْ مَالِهِ (أَنْقِرْوِيٌّ قُبَيْلَ الْوَصَايَا) وَيُمْكِنُ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ اسْتِرْدَادُ مَالِهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، وَإِذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ لِلرَّاهِنِ، وَإِنْ شَاءَ لِلْمُرْتَهِنِ.
وَسَبَبُ لُزُومِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كِلَيْهِمَا فِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ هُوَ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ وَالْعُقُودَ السَّائِرَةَ تَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَفِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ أَيْضًا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ كِلَاهُمَا لَازِمٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (١٦٧ و ٤٣٣) ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ عَقْدٌ وَعَلَيْهِ وُجُودُ الشَّطْرَيْنِ لَازِمٌ وَالرَّهْنُ لَا يَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ الرَّاهِنِ فَقَطْ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . سُؤَالٌ - لِمَاذَا لَا يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ بِإِيجَابِ الرَّاهِنِ فَقَطْ مِثْلُ الْكَفَالَةِ؟ الْجَوَابُ - مَتَى هَلَكَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ كَمَا سَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٤١) يَسْقُطُ الدَّيْنُ مُقَابَلَةً فَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلُ بِجَوَازِ انْعِقَادِ الرَّهْنِ بِلَا رِضَا الْمُرْتَهِنِ يُوجِبُ ضَرَرًا بِسُقُوطِ الدَّيْنِ فِي حَالِ هَلَاكِ الرَّهْنِ، وَالضَّرَرُ مَمْنُوعٌ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (١٩) (عَيْنِيٌّ) وَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ فَالرَّهْنُ لَا يُعَدُّ تَبَرُّعًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَالْكَفَالَةِ بَلْ حَيْثُ إنَّهُ يُوجَدُ فِي الرَّهْنِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ مِنْ وَجْهٍ فَلَا يَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ الرَّاهِنِ وَحْدَهُ، وَقَبُولُ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا لَازِمٌ (عَبْدُ الْحَلِيمِ عَيْنِيٌّ وَفَتْحُ الْقَدِيرِ) . الْخُلَاصَةُ لَيْسَ الرَّهْنُ كَالْكَفَالَةِ مَنْفَعَةً مَحْضَةً بِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ قَبُولُ الْمُرْتَهِنِ لَازِمٌ وَلَا يُقَاسُ لِلْمَادَّةِ (٦٢١) ، وَقَدْ فُهِمَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ السَّابِقَةِ أَنَّ الْقَبُولَ أَيْضًا رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الرَّهْنِ كَالْإِيجَابِ وَعَلَيْهِ إذَا حَلَفَ شَخْصٌ بِأَنَّهُ لَا يُعْطِي رَهْنًا ثُمَّ أُوجِبَ الرَّهْنُ وَلَمْ يَقْبَلْهُ الْمُرْتَهِنُ لَا يَكُونُ حَانِثًا فِي يَمِينِهِ (شَلَبِيٌّ) ، وَلَكِنَّ الرَّهْنَ لَا يَكُونُ لَازِمًا بِمُجَرَّدِ انْعِقَادِهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ بَلْ يَقْتَضِي لِذَلِكَ قَبْضَ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ كَمَا هُوَ فِي الْهِبَةِ، وَلِهَذَا السَّبَبِ صَحَّتْ فِقْرَةُ: (فَقَطْ مَا لَمْ يُوجَدْ الْقَبْضُ لَا يَتِمُّ وَلَا يَكُونُ لَازِمًا) إلَى آخِرِ هَذِهِ الْمَادَّةِ، يَعْنِي إذَا لَمْ يُوجَدْ الْقَبْضُ الْمُتَّصِفُ بِالشَّرَائِطِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ مِنْ قِبَلِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ نَائِبِهِ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَقَطْ تَامًّا لَازِمًا بِحَقِّ الرَّاهِنِ وَدَاخِلًا فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ.
يُشْتَرَطُ فِي الْقَبْضِ أَنْ يَكُونَ جَامِعًا لِلشَّرَائِطِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا - أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ مُحْرَزًا، يَعْنِي مَقْسُومًا وَغَيْرَ مُشَاعٍ. ثَانِيًا - أَنْ لَا يَكُونَ مَشْغُولًا بِحَقِّ الرَّاهِنِ. ثَالِثًا - أَنْ يَكُونَ مُمَيَّزًا، يَعْنِي غَيْرَ مُتَّصِلٍ. رَابِعًا - أَنْ لَا يَكُونَ الْمُسَلِّمُ وَالْمُسْتَلِمُ مُتَّحِدَيْنِ. فَالشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ سَيَأْتِي إيضَاحُهَا قَرِيبًا وَإِيضَاحُ الشَّرْطِ الرَّابِعِ كَمَا يَلِي: إنَّ كُلًّا مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ يُمْكِنُهُ إنَابَةُ شَخْصٍ آخَرَ بِخُصُوصِ قَبْضِ الرَّهْنِ وَتَسْلِيمِهِ، وَلَكِنْ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute