سَادِسًا: إذَا تُوُفِّيَ الْمُرْتَهِنُ مُجْهِلًا فَكَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٨٠١) يَلْزَمُ ضَمَانُ جَمِيعِ الْقِيمَةِ. وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ زَائِدَةً عَنْ الرَّهْنِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَتُؤَدَّى الزِّيَادَةُ مِنْ تَرِكَةِ الْمُرْتَهِنِ إلَى الرَّاهِنِ (التَّنْقِيحُ) .
سَابِعًا: إذَا ادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّهُ رَهَنَ عِنْدَ هَذَا الرَّجُلِ مَالَهُ الْبَالِغَ أَلْفَيْ قِرْشٍ فِي مُقَابَلَةِ أَلْفِ قِرْشٍ دَيْنَهُ وَسَلَّمَهُ لَهُ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ لَدَى الْإِنْكَارِ فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ مَا فَعَلَ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِالرَّهْنِ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ كُلَّ قِيمَتِهِ. وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجْرِي حِسَابُ أَلْفِ قِرْشٍ وَتَلْزَمُ إعَادَةُ الْأَلْفِ قِرْشٍ الْبَاقِيَةِ ضَمَانًا إلَى الرَّاهِنِ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٠١) .
الِاعْتِبَارُ الثَّانِي: مَالِيَّةُ الرَّهْنِ. مَالِيَّةُ الرَّهْنِ مَضْمُونَةٌ. وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدِعَ شَيْءٌ عِنْدَ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بِلَا تَقْصِيرٍ وَلَا تَعَدٍّ فَعِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ - يَجِبُ سُقُوطُ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ قِيمَةِ الرَّهْنِ. وَهَاكَ بَيَانُ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَنْ هَذَا الِاعْتِبَارِ.
أَوَّلًا: إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ مُسَاوِيَةً لِلدَّيْنِ فَيُعَدُّ الدَّيْنُ الَّذِي فِي مُقَابَلَتِهِ كَأَنَّهُ اسْتَوْفَى يَوْمَ قَبْضِ الرَّهْنِ، يَعْنِي يُعْتَبَرُ كَأَنَّهُ اسْتَوْفَى فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ بِطَرِيقِ الِاسْتِيفَاءِ. وَيُطْلَقُ عَلَى هَذَا الِاسْتِيفَاءِ الْحُكْمِيِّ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُطَالِبَ الرَّاهِنَ بِشَيْءٍ وَلَا الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ (التَّنْوِيرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٣٩٩) . فَإِذَا فُقِدَ الْمَرْهُونُ الَّذِي فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ أَدَاءِ الرَّاهِنِ الدَّيْنَ يَلْزَمُ عَلَى الدَّائِنِ أَنْ يَرُدَّ لِلْمَدِينِ الدَّيْنَ الَّذِي أَخَذَهُ؛ لِأَنَّهُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ اسْتَوْفَى مَطْلُوبَهُ حِينَمَا قَبَضَ الرَّهْنَ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ حَيْثُ إنَّ أَخْذَهُ مَطْلُوبَهُ ثَانِيَ مَرَّةٍ يَكُونُ اسْتِيفَاءً بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمَطْلُوبُ الَّذِي قَبَّضَهُ إلَى الرَّاهِنِ التَّنْقِيحُ وَالزَّيْلَعِيّ.
وَإِذَا رَهَنَ الرَّاهِنُ سَاعَةً بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ مُقَابِلَ عَشْرِ ذَهَبَاتِ دَيْنٍ ثُمَّ أَوْفَى سِتَّ ذَهَبَاتٍ مِنْ الدَّيْنِ وَقَالَ: فَلِتَبْقَ السَّاعَةَ رَهْنًا مُقَابِلَ الْأَرْبَعِ ذَهَبَاتٍ الْبَاقِيَةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ هَلَكَتْ السَّاعَةُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا اعْتِبَارَ لِهَذَا الْقَوْلِ فَتَهْلَكُ بِكَامِلِ الدَّيْنِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّ السِّتِّ ذَهَبَاتٍ إلَى الرَّاهِنِ الْأَنْقِرْوِيُّ.
ثَانِيًا: إذَا أَوْفَى رَجُلٌ دَيْنَ آخَرَ تَبَرُّعًا وَقَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الرَّهْنَ الَّذِي فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ إلَى الرَّاهِنِ مُلِّكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَنَظَرًا لِسُقُوطِ الدَّيْنِ يَرُدُّ الْمُرْتَهِنُ إلَى الرَّجُلِ الْمَطْلُوبِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْهُ. يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ يُرْجِعُهَا الْمُرْتَهِنُ الْمُتَبَرِّعُ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْمُدَايِنَاتِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ الدَّيْنُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُتَبَرِّعَ أَوْفَى دِينًا غَيْرَ وَاجِبِ الْأَدَاءِ. وَعَلَيْهِ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ إلَى الْمُتَبَرِّعِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَكَفَّلَ إنْسَانًا بِإِذْنِ الدَّائِنِ فَأَعْطَى الْمَدِينَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ رَهْنًا بِذَلِكَ الْمَالِ ثُمَّ قَضَى الْكَفِيلُ دَيْنَ الطَّالِبِ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الطَّالِبِ فَإِنَّ الْكَفِيلَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الطَّالِبِ وَيَرْجِعُ الْمَطْلُوبُ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ بِدَيْنِهِ (الْخَانِيَّةُ) .
ثَالِثًا: إذَا رَهَنَ الْمَدِينُ مَالَهُ الْبَالِغَ أَلْفَ قِرْشٍ مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ دَيْنِهِ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ حَوَّلَ دَايِنَهُ بِالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ مِنْ مَدِينٍ لَهُ بِأَلْفِ قِرْشٍ بِالْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ وَقَبْلَ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّاهِنُ هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الدَّائِنِ وَبِمَا أَنَّ الدَّيْنَ مُطْلَقٌ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ أَيْضًا. بِنَاءً عَلَيْهِ يَأْخُذُ الْمُحِيلُ مَطْلُوبَهُ الَّذِي عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (الْبَزَّازِيَّةُ وَفَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) .
رَابِعًا: إذَا هَلَكَ بَعْضُ الرَّهْنِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِنِسْبَتِهِ مَثَلًا إذَا هَلَكَ مِقْدَارٌ مِنْ الْمَرْهُونِ فِي يَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute