الْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ مِقْدَارٌ مِنْ الدَّيْنِ بِنِسْبَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مُسَاوِيَةً لِلدَّيْنِ أَوْ زَائِدَةً عَنْهُ. مَثَلًا إذَا رَهَنَ رَجُلٌ خَاتَمَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ أَلْفِ قِرْشٍ وَسَلَّمَهُمَا ثُمَّ هَلَكَ خَاتَمٌ مِنْهُمَا فَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ مَا يُصِيبُ ذَلِكَ الْخَاتَمَ، أَيْ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْخَاتَمِ الْهَالِكِ أَلْفَ قِرْشٍ وَقِيمَةُ الْآخَرِ أَلْفَيْنِ فَيَبْقَى الثُّلُثَانِ مِنْ الدَّيْنِ يَعْنِي مِنْ الْأَلْفِ قِرْشٍ وَيَسْقُطُ الْبَاقِي وَإِلَّا فَكَوْنُ قِيمَةِ الْخَاتَمِ الْهَالِكِ أَلْفَ قِرْشٍ لَا تُوجِبُ سُقُوطُ الدَّيْنِ كَامِلًا.
خَامِسًا: إذَا رَهَنَ شَخْصٌ مُقَابِلَ دَيْنٍ مِائَةَ قِرْشٍ فَرْوًا بِأَرْبَعِمِائَةِ قِرْشٍ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ أَفْسَدَتْ الْعُثَّةُ الْفَرْوَ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَنَزَلَتْ قِيمَتُهُ إلَى مِائَةِ قِرْشٍ فَيَسْقُطُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدَّيْنِ فَقَطْ وَيُؤَدِّي الْمَدِينُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ قِرْشًا إلَى الدَّائِنِ وَيَسْتَرِدُّ الْفَرْوَ؛ لِأَنَّ كُلَّ رُبْعٍ مِنْ الْفَرْوِ مَرْهُونٌ بِرُبْعٍ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْفَرْوِ رُبْعُهُ فَبَقِيَ أَيْضًا مِنْ الدَّيْنِ رُبْعُهُ (التَّنْقِيحُ) .
سَادِسًا - إذَا رُهِنَتْ دَارٌ مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ وَخَرِبَتْ بِدَرَجَةِ أَنْ صَارَتْ عَرْصَةً صِرْفَةً يُقَسَّمُ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْعَرْصَةِ يَوْمَ قَبَضَهُمَا فَيَسْقُطُ الْمِقْدَارُ الَّذِي يُصِيبُ الْبِنَاءَ وَيَبْقَى الْمِقْدَارُ الَّذِي يُصِيبُ الْعَرْصَةَ. وَلَوْ رَهَنَ شَيْئَيْنِ يَسْتَحِقُّ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ أَوْ ظَهَرَ حُرًّا يَهْلَكُ الْآخَرُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ) .
سَابِعًا - إذَا أَخَذَ الدَّائِنُ مِنْ الْكَفِيلِ رَهْنًا كَمَا أَخَذَ مِنْ الْأَصِيلِ وَهَلَكَ الرَّهْنَانِ الْوَاحِدُ تِلْوَ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَافِيًا لِلدَّيْنِ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ مُطَالَبٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ نَظَرًا لِكَوْنِ الرَّهْنِ الثَّانِي عُدَّ زِيَادَةٍ فِي الرَّهْنِ، أَيُّهُمَا هَلَكَ يَهْلَكُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ بِنَاءً عَلَيْهِ بِمَا أَنَّ الدَّيْنَ يَنْقَسِمُ عَلَى قِيَمِ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا مُتَسَاوِيَةً هَلَكَ الْمَرْهُونُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ (الْخَانِيَّةُ) . وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧١٣) .
الْقِيمَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الرَّهْنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ الْأَجْنَبِيِّ: الْقِيمَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الرَّهْنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ هِيَ عَلَى مَا ذُكِرَ أَعْلَاهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ. وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْهَلَاكِ لَيْسَتْ مُعْتَبَرَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ. إذْ إنَّهُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٧١٣) إذَا زِيدَ فِي الرَّهْنِ فَكَمَا أَنَّ الِاعْتِبَارَ يَكُونُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ فَقِيمَةُ الزِّيَادَةِ أَيْضًا يَوْمَ قَبْضِهِ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ بِحُكْمِ الزِّيَادَةِ وَإِلَيْك بَيَانُ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا: أَوَّلًا - إذَا رَهَنَ رَجُلٌ مَالَهُ الَّذِي تَبْلُغُ قِيمَتُهُ أَلْفَ قِرْشٍ مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ دَيْنِهِ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ أَعَادَهُ الْمُرْتَهِنُ إلَى الرَّاهِنِ وَبَعْدَ مُدَّةٍ اسْتَرَدَّهُ وَقَبَضَهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ وَهَلَكَ بَعْدَئِذٍ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَهْلَكُ بِأَلْفِ قِرْشٍ. بِخِلَافِ الْغَصْبِ إذَا تَكَرَّرَ بَعْدَ الرَّدِّ حَيْثُ يُعْتَبَرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الْمُوجِبُ لَا الْأَوَّلُ لِانْتِسَاخِهِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الثَّالِثِ مِنْ الرَّهْنِ) .
وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ الْمُعْتَبَرِ هُوَ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْإِتْلَافِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا رَهَنَ مَالَهُ بِقِيمَةِ أَلْفِ قِرْشٍ مُقَابِلَ دَيْنِ أَلْفِ قِرْشٍ وَسَلَّمَ وَتَنَازَلَتْ قِيمَتُهُ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ إلَى سِتِّمِائَةِ قِرْشٍ بِسَبَبِ تَرَاجُعِ السِّعْرِ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ سِتَّمِائَةِ قِرْشٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ) (٢ ٩١) . وَحَيْثُ إنَّ الْأَرْبَعَمِائَةِ قِرْشٍ الَّتِي هِيَ زِيَادَةُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ مَضْمُونَةٌ بِضَمَانِ الرَّهْنِ بِالنَّظَرِ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَعِنْدَمَا يَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الْمُسْتَهْلِكِ الْأَجْنَبِيِّ سِتَّمِائَةِ قِرْشٍ يَكُونُ كَأَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ دَيْنِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْخَانِيَّةُ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute