إجَازَةِ الرَّاهِنِ فَالْغَلَّةُ لِلْمُرْتَهِنِ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ هُوَ كَالْغَاصِبِ يَتَصَدَّقُ بِالْغَلَّةِ أَوْ يَرُدُّهَا عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ آجَرَ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ بَطَلَ الرَّهْنُ وَالْأُجْرَةُ لِلرَّاهِنِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .
كَمَا لَوْ بَاعَ الْمُؤَجِّرُ الْمَأْجُورَ وَأَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ لَا يَنْتَقِلُ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى الْبَدَلِ. لِأَنَّ بَدَلَ، الْمَبِيعِ بَدَلُ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ.
وَأَمَّا حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْمَنْفَعَةِ (الزَّيْلَعِيّ) . مَثَلًا لَوْ بَادَلَ الْمُؤَجِّرُ الدُّكَّانَ الْمَأْجُورَةَ بِحَانُوتٍ فِي جِوَارِهَا فَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ بَيْعَ الْمُقَايَضَةِ هَذَا فَلَيْسَ لَهُ الِادِّعَاءُ بِأَنَّ حَقَّهُ فِي الدُّكَّانِ انْتَقَلَ إلَى الْحَانُوتِ وَلَا طَلَبُ إكْمَالِ مُدَّتِهِ الْبَاقِيَةِ مِنْ الْإِجَارَةِ فِيهَا. وَإِذَا لَمْ يُجِزْ الْمُرْتَهِنُ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ لَا يَنْفَسِخُ بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ. لِأَنَّ عَدَمَ نَفَاذِ الْبَيْعِ نَاشِئٌ عَنْ حَقِّ حَبْسِ الْمُرْتَهِنِ. وَعَدُّ الْبَيْعُ مَوْقُوفًا لَا يَصْرِفُ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ يَعْنِي أَنَّهُ بِهَذَا الْقَدْرِ يَكُونُ حَفِظَ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ انْعِقَادُ الْبَيْعِ وَبَقَاؤُهُ مَوْقُوفًا لَا يَضُرُّ الْمُرْتَهِنَ. لِأَنَّ حَقَّ حَبْسِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَبْطُلُ بِانْعِقَادِ الْبَيْعِ بِلَا نَفَاذٍ إنَّمَا الْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ سَوَاءٌ أَكَانَ عَالِمًا بِرَهْنِ الْمَالِ أَمْ غَيْرَ عَالَمٍ إنْ شَاءَ تَرَبَّصَ لِحِينِ فَكِّ الرَّهْنِ. سُؤَالٌ - بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (٢٠٩) مِنْ الْمَجَلَّةِ بَيْعُ مَا كَانَ غَيْرَ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ غَيْرُ صَحِيحٍ. كَمَا ذُكِرَ فِي أَوَائِلِ شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَعَلَيْهِ فَمِنْ اللَّازِمِ أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا الْبَيْعُ صَحِيحًا. الْجَوَابُ - كَوْنُ الْمَبِيعِ غَيْرَ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ هُنَا يَعْنِي عَجْزَ الرَّاهِنِ الْبَائِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَرْهُونِ إلَى الْمُشْتَرِي هُوَ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ (أَبُو السُّعُودِ) وَإِنْ شَاءَ رَاجَعَ الْحَاكِمَ وَفَسَخَهُ بِمَعْرِفَتِهِ بِعَجْزِ الرَّاهِنِ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لَهُ. فَإِذَنْ فَسْخُ هَذَا الْبَيْعِ عَائِدٌ لِلْحَاكِمِ وَإِلَّا فَلَا الْمُرْتَهِنُ وَلَا الرَّاهِنُ لَهُ أَنْ يَفْسَخَهُ مُسْتَقِلًّا لِأَنَّ هَذَا الْفَسْخَ لِأَجْلِ قَطْعِ الْمُنَازَعَةِ وَقَطْعُ النِّزَاعِ عَائِدٌ لِلْحَاكِمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
بَيْعُ الرَّهْنِ مُكَرَّرًا - مَا ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ هُوَ مَسْأَلَةُ بَيْعِ الرَّهْنِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَمَسْأَلَةُ بَيْعِهِ مُكَرَّرًا تُوَضَّحُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: مَثَلًا لَوْ بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ لِشَخْصٍ بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ وَقَبْلَ الْإِجَازَةِ بَاعَهُ لِشَخْصٍ آخَرَ فَكَمَا أَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ الْبَيْعُ الثَّانِي مَوْقُوفًا عَلَيْهَا أَيْضًا وَأَيَّ الْبَيْعَيْنِ أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ هُوَ الصَّحِيحُ وَيَكُونُ الْآخَرُ بَاطِلًا مَثَلًا لَوْ أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ كَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ نَافِذًا وَالثَّانِي مُنْفَسِخًا وَبِالْعَكْسِ إذَا أَجَازَ الثَّانِي كَانَ نَافِذًا وَأَصْبَحَ الْأَوَّلُ مُنْفَسِخًا وَسَبَبُ اخْتِيَارِ الْمُرْتَهِنِ هُوَ: حَيْثُ إنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ سَيَكُونُ رَهْنًا بَدَلًا عَنْ الْمَرْهُونِ فَمَنْ وَجَدَهُ الْمُرْتَهِنُ أَمِينًا مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ أَيُّ بَيْعٍ ظَهَرَ لَهُ أَنْفَعَ جَعَلَهُ مُخْتَارًا بِتَرْجِيحِهِ وَإِذَا قِيلَ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَمِينًا وَالثَّمَنُ زَائِدًا أَوْ أَنَّ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ تَعَيَّنَ وَأُحْضِرَ كَيْ يُعْطَى لِلْمُرْتَهِنِ رَهْنًا فَلَا يَبْقَى السَّبَبُ الَّذِي ذُكِرَ آنِفًا لِأَجْلِ اخْتِيَارِ الْمُرْتَهِنِ فَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْحُكْمَ يَعْنِي السَّبَبَ يُسْتَقْصَى عَنْهُ فِي أَجْنَاسِهِ وَلَيْسَ فِي الْمَسَائِلِ الْخُصُوصِيَّةِ رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٨٩) (الشَّارِحُ) .
وَأَمَّا إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِلَا إذْنِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ ثُمَّ قَبِلَ الْإِجَازَةَ وَوَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ أَوْ رَهَنَهُ وَسَلَّمَهُ أَوْ آجَرَهُ لِرَجُلٍ ثَانٍ فَإِنْ أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ الرَّهْنَ وَتِلْكَ الْهِبَةَ وَالْإِجَارَةَ كَانَ الْبَيْعُ نَافِذًا وَبَطَلَتْ الْهِبَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute