للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) لِأَنَّ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ فَائِدَةٌ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الثَّمَنَ الْمَبِيعَ يَقُومُ مَقَامَ الْمَرْهُونِ.

وَأَمَّا إجَازَةُ التَّصَرُّفَاتِ الْأُخْرَى فَلَا فَائِدَةَ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَنَظَرًا لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ غَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْ اخْتِيَارِ مَا يَضُرُّهُ وَتَرْكِ مَا يُفِيدُهُ وَلَا يَثْبُتُ الْمُدَّعَى بِهَذَا الدَّلِيلِ وَلَا سِيَّمَا إذَا صَرَّحَ الْمُرْتَهِنُ بِأَنَّهُ تَرَكَ حَقَّهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ أَوْ بَدَلُهُ رَهْنًا وَأَفَادَ أَنَّهُ أَجَازَ الْهِبَةَ وَالرَّهْنَ وَالْإِجَارَةَ، فَلَا يَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَالْهِبَةُ وَغَيْرُهَا صَحِيحَةً.

(الشَّارِحُ) . هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَحْدُثُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ مَثَلًا وَأَمَّا إذَا وَهَبَ الْمَالَ الْمَرْهُونَ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَأَجَازَ الْمُرْتَهِنُ فَبِالْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ يَنْفَسِخُ الرَّهْنُ وَتَكُونُ الْهِبَةُ صَحِيحَةً. كَمَا سَنُوَضِّحُهُ قَرِيبًا.

حَيْثُ إنَّهُ يُوجَدُ تَفْصِيلَاتٌ بِخُصُوصِ بَيْعِ الرَّهْنِ فِي الْمَبْحَثِ الثَّانِي مِنْ لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (٣٥٥) فَلْتُرَاجَعْ. اخْتِلَافٌ فِي مَقْدِرَةِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى فَسْخِ الْبَيْعِ وَاخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي - نَظَرًا لِوُجُودِ نُقْطَتَيْ اخْتِلَافٍ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَإِلَيْكَ بَيَانُ الِاخْتِلَافَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَالْقَوْلُ الَّذِي وَقَعَ الِاخْتِيَارُ عَلَيْهِ فِي الْمَجَلَّةِ: الِاخْتِلَافُ الْأَوَّلُ - إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ وَفَسَخَ الْمُرْتَهِنُ هَذَا الْبَيْعَ عِنْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ فَفِي رِوَايَةٍ - (وَهِيَ الْأَصَحُّ) - لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِذَلِكَ. لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ هُوَ فِي حَبْسِ الرَّهْنِ فَإِيقَافُ الْبَيْعِ يَكْفِي لِذَلِكَ (أَبُو السُّعُودِ) . حَتَّى أَنَّهُ إذَا أَوْفَى الرَّاهِنُ دَيْنَهُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فَسَخَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيْعَ لَزِمَ تَسْلِيمُ الرَّهْنِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ مُنْعَقِدٌ صَحِيحًا وَلَازِمًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الرَّاهِنِ وَالتَّأْخِيرِ نَظَرًا لِلْمُرْتَهِنِ فَقَطْ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٠٠) . (أَبُو السُّعُودِ) . وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الثَّابِتَ لِلْمُرْتَهِنِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْكِ وَصَارَ الْمُرْتَهِنُ كَالْمَالِكِ (الزَّيْلَعِيّ) . حَتَّى أَنَّهُ نَظَرًا لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ إذَا أَوْفَى الرَّاهِنُ دَيْنَهُ بَعْدَ الْفَسْخِ لَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الرَّهْنِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي. إذًا مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (رَاجِعْ الْحَاكِمَ) يُفْهَمُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي وَقَعَ الِاخْتِيَارُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا حَاجَةَ لِمُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ لِأَجْلِ الْفَسْخِ.

الِاخْتِلَافُ الثَّانِي - إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ الْمَالَ الْمَرْهُونَ فَإِنْ لَمْ يَحُزْ الْمُرْتَهِنُ الْبَيْعَ فَكَمَا صَرَّحَ فِي الْمَجَلَّةِ لِذَلِكَ الرَّجُلِ الْحَقُّ أَنْ يُرَاجِعَ الْحَاكِمَ وَيَفْسَخَ الْبَيْعَ بِمَعْرِفَتِهِ وَلَكِنْ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ يَثْبُتُ ذَلِكَ الِاخْتِيَارُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالَمٍ بِرَهْنِيَّتِهِ أَثْنَاءَ الشِّرَاءِ وَأَمَّا إذَا عَلِمَ عِنْدَمَا اشْتَرَاهُ أَنَّهُ مَرْهُونٌ فَلَا يَبْقَى لَهُ حَقُّ الِاخْتِيَارِ لِأَنَّ الْإِمَامَ الْمُشَارَ إلَيْهِ اعْتَبَرَ ظُهُورَ الْمَبِيعِ مَرْهُونًا أَوْ مَأْجُورًا عَيْبًا فَحِينَمَا يَشْتَرِي الْوَاحِدُ مَالًا مَعَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهِ فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ خِيَارُ الْعَيْبِ فَلَا خِيَارَ عَيْبٍ فِي هَذَا أَيْضًا (أَبُو السُّعُودِ) .

وَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ إذَا لَمْ يُجِزْ الْمُرْتَهِنُ الْبَيْعَ سَوَاءٌ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِرَهْنِيَّتِهِ أَوْ غَيْرَ عَالَمٍ فَهُوَ مُخَيَّرٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَجَعَلَ الْإِمَامَانِ الْمُشَارُ إلَيْهِ مَا كَوْنَ الْمَبِيعِ مَرْهُونًا أَوْ مَأْجُورًا بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فَلَوْ ضُبِطَ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي. بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهُ وَهُوَ مُطَّلِعٌ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ عَلَى أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>