بَلْ قَدْ هَجَمَ عَلَى ذَلِكَ كَبِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ وَكَبِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ.
فَقَالَ أَحَدُهُمَا: لَمْ أَجِدْ أَحَدًا قَالَ بِأَقَلَّ مِنْ - الْقَصْرِ فِيمَا قُلْنَا بِهِ، فَهُوَ إجْمَاعٌ وَقَالَ الْآخَرُ: قَوْلُنَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ فَاحْتَسَبْنَا الْأَجْرَ فِي إزَالَةِ ظُلْمَةِ كَذِبِهِمَا عَنْ الْمُغْتَرِّ بِهِمَا، وَلَمْ نُورِدْ إلَّا رِوَايَةً مَشْهُورَةً ظَاهِرَةً عِنْدَ الْعُلَمَاءِ بِالنَّقْلِ، وَفِي الْكُتُبِ الْمُتَدَاوَلَةِ عِنْدَ صِبْيَانِ الْمُحَدِّثِينَ، فَكَيْفَ أَهْلُ الْعِلْمِ؟ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا مَنْ قَالَ بِتَحْدِيدِ مَا يُقْصَرُ فِيهِ بِالسَّفَرِ، مِنْ أُفُقٍ إلَى أُفُقٍ، وَحَيْثُ يُحْمَلُ الزَّادُ وَالْمَزَادُ وَفِي سِتَّةٍ وَتِسْعِينَ مِيلًا، وَفِي اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ مِيلًا، وَفِي اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ مِيلًا، وَفِي ثَلَاثَةٍ وَسِتِّينَ مِيلًا، أَوْ فِي أَحَدٍ وَسِتِّينَ مِيلًا، أَوْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ مِيلًا، أَوْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ مِيلًا، أَوْ أَرْبَعِينَ مِيلًا، أَوْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ مِيلًا: فَمَا لَهُمْ حُجَّةٌ أَصْلًا وَلَا مُتَعَلِّقَ، لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا مِنْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَلَا سَقِيمَةٍ، وَلَا مِنْ إجْمَاعٍ وَلَا مِنْ قِيَاسٍ، وَلَا رَأْيٍ سَدِيدٍ، وَلَا مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ لَا مُخَالِفٍ لَهُ مِنْهُمْ - وَمَا كَانَ هَكَذَا فَلَا وَجْهَ لِلِاشْتِغَالِ بِهِ ثُمَّ نَسْأَلُ مَنْ حَدَّ مَا فِيهِ الْقَصْرُ، وَالْفِطْرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَنْ أَيِّ مِيلٍ هُوَ؟ ثُمَّ نَحُطُّهُ مِنْ الْمِيلِ عَقْدًا أَوْ فَتَرًا أَوْ شِبْرًا، وَلَا نَزَالُ نَحُطُّهُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ التَّحَكُّمِ فِي الدِّينِ، أَوْ تَرْكِ مَا هُوَ عَلَيْهِ؟ فَسَقَطَتْ هَذِهِ الْأَقْوَالُ جُمْلَةً وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute