للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحْدِيدٌ بِلَا بُرْهَانٍ ثُمَّ إنَّ الْأَسْوَاقَ قَدْ تَتَغَيَّرُ مِنْ يَوْمِهَا، وَقَدْ لَا تَتَغَيَّرُ شُهُورًا وَكِلَاهُمَا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا سَبَقَهُمْ إلَى التَّحْدِيدِ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ، وَقَالَ اللَّيْثُ: خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

[مَسْأَلَة الثَّمَن فِي السَّلَم]

١٦١٥ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ فِي السَّلَمِ إلَّا مَقْبُوضًا فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ تَمَامِ قَبْضِ جَمِيعِهِ بَطَلَتْ الصَّفْقَةُ كُلُّهَا؛ لِأَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِأَنْ يُسَلِّفَ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» .

" وَالتَّسْلِيفُ " فِي اللُّغَةِ الَّتِي بِهَا خَاطَبَنَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: هُوَ أَنْ يُعْطِيَ شَيْئًا فِي شَيْءٍ، فَمَنْ لَمْ يَدْفَعْ مَا أُسْلِفَ فَلَمْ يُسَلَّفْ شَيْئًا، لَكِنْ وَعَدَ بِأَنْ يُسَلِّفَ.

فَلَوْ دَفَعَ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ سَوَاءٌ أَكْثَرُهُ أَوْ أَقَلُّهُ فَهِيَ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَعَقْدٌ وَاحِدٌ، وَكُلُّ عَقْدٍ وَاحِدٍ جَمَعَ فَاسِدًا وَجَائِزًا فَهُوَ كُلُّهُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَتَبَعَّضُ، وَالتَّرَاضِي مِنْهُمَا لَمْ يَقَعْ حِينَ الْعَقْدِ إلَّا عَلَى الْجَمِيعِ، لَا عَلَى الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ، فَلَا يَحِلُّ إلْزَامُهُمَا مَا لَمْ يَتَرَاضَيَا جَمِيعًا عَلَيْهِ فَهُوَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ، لَا عَنْ تَرَاضٍ.

وَالسَّلَمُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْعًا فَهُوَ دَيْنٌ تَدَايَنَاهُ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، وَتِجَارَةٌ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إلَّا عَنْ تَرَاضٍ وَقَوْلُنَا هَذَا هُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ، وَأَحْمَدَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَصِحُّ السَّلَمُ فِيمَا قُبِضَ وَيَبْطُلُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ تَأَخَّرَ قَبْضُ الثَّمَنِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ جَازَ، وَإِنْ تَأَخَّرَ أَكْثَرَ أَوْ بِأَجَلٍ بَطَلَ الْكُلُّ.

وَهَذَانِ قَوْلَانِ فَاسِدَانِ كَمَا ذَكَرْنَا، لَا سِيَّمَا قَوْلَ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ مُتَنَاقِضٌ مَعَ فَسَادِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة إذَا وجد بِثَمَنِ السَّلَم عَيْبًا]

١٦١٦ - مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ وَجَدَ بِالثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ عَيْبًا، فَإِنْ كَانَ اشْتَرَطَ السَّلَامَةَ بَطَلَتْ الصَّفْقَةُ كُلُّهَا؛ لِأَنَّ الَّذِي أُعْطِيَ غَيْرَ الَّذِي عَقَدَ عَلَيْهِ، فَصَارَ عَقْدَ سَلَمٍ لَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَشْتَرِطْ السَّلَامَةَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَحْبِسَ مَا أَخَذَ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ، أَوْ يَرُدَّ وَتُنْقَضُ الصَّفْقَةُ كُلُّهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ رَدَّ الْمَعِيبَ صَارَ سَلَمًا لَمْ يَسْتَوْفِ ثَمَنَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>