وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» .
وَوَجَدْنَا النَّاسَ قَدْ اخْتَلَفُوا: هَلْ دِيَةُ الْخَطَأِ عَلَى الْقَاتِلِ الْمُخْطِئِ أَمْ لَا؟ فَوَجَبَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} [الأحزاب: ٥] أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الدِّيَةُ.
وَأَيْضًا - فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذْ أَوْجَبَ الدِّيَةَ فِي ذَلِكَ لَمْ يُلْزِمْهَا الْقَاتِلَ، فَلَا سَبِيلَ إلَى إلْزَامِهِ دِيَةً لَمْ يُلْزِمْهُ اللَّهُ تَعَالَى إيَّاهَا، وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا إجْمَاعُ الْأُمَّةِ؛ وَقَدْ صَحَّ النَّصُّ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى: إلْزَامِهِ الْكَفَّارَةَ بِالْعِتْقِ، أَوْ الصِّيَامِ، فَوَقَفْنَا عِنْدَ النَّصِّ، وَالْإِجْمَاعِ فِي ذَلِكَ وَأَلْزَمْنَا الدِّيَةَ الْعَاقِلَةَ بِالنَّصِّ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا نَذْكُرُ فِي أَبْوَابِ الْعَاقِلَةِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَلْزَمْنَاهَا فِي كُلِّ مَالٍ.
[مَسْأَلَةٌ أَمَرَ غَيْرَهُ بِقَتْلِ إنْسَانٍ]
٢٠٩٦ - مَسْأَلَةٌ: مَنْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِقَتْلِ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ الْمَأْمُورُ؟ قَالَ عَلِيٌّ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُقْتَلُ الْآمِرُ وَحْدَهُ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُقْتَلُ الْمَأْمُورُ وَحْدَهُ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُقْتَلَانِ جَمِيعًا.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُقْتَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا: فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ - كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ نا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ نا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خِلَاسٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: إذَا أَمَرَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا فَقَتَلَهُ، فَهُوَ كَسَيْفِهِ وَسَوْطِهِ.
أَمَّا السَّيِّدُ فَيُقْتَلُ - وَأَمَّا الْعَبْدُ فَيُسْتَوْدَعُ فِي السِّجْنِ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْت لِعَطَاءٍ: رَجُلٌ أَمَرَ عَبْدَهُ فَقَتَلَ رَجُلًا؟ فَقَالَ: عَلَى الْآمِرِ، سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: يُقْتَلُ الْحُرُّ الْآمِرُ، وَلَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَعَثَ بِهَدِيَّةٍ مَعَ عَبْدِهِ إلَى رَجُلٍ، مَنْ أَهْدَاهَا؟ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فَقُلْت: فَأَجِيرُهُ؟ قَالَ: ذَلِكَ مِثْلُ عَبْدِهِ؟ قُلْت: فَأَمَرَ رَجُلًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا لَا يَمْلِكُهُ، وَلَيْسَا بِأَجِيرَيْنِ، قَالَ: عَلَى الْمَأْمُورِ - إذَا لَمْ يَمْلِكْهُمَا - إذَا أَمَرَ حُرًّا فَقَتَلَ رَجُلًا، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَلَيْسَ عَلَى الْآمِرِ شَيْءٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute