للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: ٧٧] .

وَقَالَ تَعَالَى: {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: ٢٠٥] .

فَإِهْلَاكُ الْحَرْثِ بِغَيْرِ الْحَقِّ لَا يَحِلُّ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ، فَهَذَا شَرْطٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ صَحِيحٌ لَازِمٌ.

[مَسْأَلَةٌ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى]

١٣٣٣ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، لَكِنْ هَكَذَا مُطْلَقًا، لِأَنَّ هَكَذَا عَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى هَذَا مَضَى جَمِيعُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُمْ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذْ شَاءَ فِي آخِرِ خِلَافَتِهِ، فَكَانَ اشْتِرَاطُ مُدَّةٍ فِي ذَلِكَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى - فَهُوَ بَاطِلٌ - وَخِلَافٌ لِعَمَلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ؛ وَقَدْ قَالَ مُخَالِفُونَ بِذَلِكَ فِي الْمُضَارَبَةِ.

[مَسْأَلَةٌ أَقَرَّ وَارِثُ صَاحِبِ الْأَرْضِ الْعَامِلَ وَرَضِيَ الْعَامِلُ]

١٣٣٤ - مَسْأَلَةٌ: وَأَيُّهُمَا شَاءَ تَرْكَ الْعَمَلِ فَلَهُ ذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا، وَأَيُّهُمَا مَاتَ بَطَلَتْ الْمُعَامَلَةُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: ١٦٤] .

فَإِنْ أَقَرَّ وَارِثُ صَاحِبِ الْأَرْضِ الْعَامِلَ وَرَضِيَ الْعَامِلُ، فَهُمَا عَلَى مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ - وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَرَثَةَ الْعَامِلِ بِرِضَاهُمْ فَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ أَرَادَ صَاحِبُ الْأَرْضِ إخْرَاجَ الْعَامِلِ بَعْدَ أَنْ زَرَعَ]

١٣٣٥ - مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا أَرَادَ صَاحِبُ الْأَرْضِ إخْرَاجَ الْعَامِلِ بَعْدَ أَنْ زَرَعَ أَوْ أَرَادَ الْعَامِلُ الْخُرُوجَ بَعْدَ أَنْ زَرَعَ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، أَوْ فِي حَيَاتِهِمَا فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَعَلَى الْعَامِلِ خِدْمَةُ الزَّرْعِ كُلِّهِ وَلَا بُدَّ، وَعَلَى وَرَثَتِهِ حَتَّى يَبْلُغَ مَبْلَغَ الِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ كِلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا عَلَى ذَلِكَ تَعَاقَدَا الْعَقْدَ الصَّحِيحَ فَهُوَ لَازِمٌ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ صَحِيحٌ لَازِمٌ، وَعَقْدٌ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَمَا عَدَاهُ إضَاعَةٌ لِلْمَالِ، وَإِفْسَادٌ لِلْحَرْثِ، وَقَدْ صَحَّ النَّهْيُ عَنْهُ.

[مَسْأَلَةٌ أَرَادَ أَحَدُهُمَا تَرْكَ الْعَمَلِ وَقَدْ حَرَثَ وَقَلَبَ وَزَبَلَ وَلَمْ يَزْرَعْ]

١٣٣٦ - مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا تَرْكَ الْعَمَلِ وَقَدْ حَرَثَ، وَقَلَبَ، وَزَبَلَ، وَلَمْ يَزْرَعْ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَيُكَلَّفُ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ أَجْرَ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ، وَقِيمَةَ زِبْلِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ زِبْلًا مِثْلَهُ، إنْ أَرَادَ صَاحِبُ الْأَرْضِ إخْرَاجَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ تَتِمَّ بَيْنَهُمَا الْمُزَارَعَةُ الَّتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>