[مَسْأَلَةٌ حُكْم بَيْع الْقَصِيلِ قَبْلَ أَنْ يُسَنْبِلَ]
مَسْأَلَةٌ: وَبَيْعُ الْقَصِيلِ قَبْلَ أَنْ يُسَنْبِلَ: جَائِزٌ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَتَطَوَّعَ لِلْمُشْتَرِي بِتَرْكِهِ مَا شَاءَ إلَى أَنْ يَرْعَاهُ، أَوْ إلَى أَنْ يَحْصُدَهُ، أَوْ إلَى أَنْ - يَيْبَسَ بِغَيْرِ شَرْطٍ، فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى زَادَ فِيهِ أَوْلَادًا مِنْ أَصْلِهِ لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةً إذَا اشْتَرَاهُ فَاخْتَصَمَا فِيهَا: فَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِمِقْدَارِ الْمَبِيعِ: قُضِيَ بِهَا، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي إلَّا الْقَدْرُ الَّذِي اشْتَرَى، وَكَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْأَوْلَادِ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ: حَلَفَا، وَقُسِّمَتْ الزِّيَادَةُ الَّتِي يَتَدَاعَيَانِهَا بَيْنَهُمَا.
وَأَمَّا السُّنْبُلُ، وَالْخَرُّوبُ، وَالْحَبُّ: فَلِلْمُشْتَرِي عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَكَذَلِكَ مَا زَادَ فِي طُولِهِ، فَإِذَا سَنْبَلَ الزَّرْعُ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ أَصْلًا - لَا عَلَى الْقَطْعِ وَلَا عَلَى التَّرْكِ - إلَّا حَتَّى يَشْتَدَّ، فَإِذَا اشْتَدَّ: حَلَّ بَيْعُهَا حِينَئِذٍ.
بُرْهَانُ صِحَّةِ بَيْعِ الْقَصِيلِ قَبْلَ أَنْ يُسَنْبِلَ -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] .
وقَوْله تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] فَالْبَيْعُ كُلُّهُ حَلَالٌ، إلَّا بَيْعًا مَنَعَ مِنْهُ نَصُّ قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ، وَلَمْ يَأْتِ فِي مَنْعِ بَيْعِ الزَّرْعِ مُذْ يَنْبُتُ إلَى أَنْ يُسَنْبِلَ: نَصٌّ أَصْلًا.
وَبُرْهَانُ تَحْرِيمِ بَيْعِهِ إذَا سَنْبَلَ إلَى أَنْ يَشْتَدَّ -: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَا جَمِيعًا: نا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ وَعَنْ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ الْعَاهَةَ - نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ» .
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ نا أَبُو الْوَلِيدِ - هُوَ الطَّيَالِسِيُّ - عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ وَعَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ» وَلَا يَصِحُّ غَيْرُ هَذَا أَصْلًا.
وَهَكَذَا رُوِّينَا عَنْ جُمْهُورِ السَّلَفِ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نا إسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute