للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالٍ بِالْبَاطِلِ وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ وَجَدَ سُتُّوقًا أَوْ زَائِفًا فَإِنْ كَانَ دِرْهَمًا أَوْ أَكْثَرَ مَا لَمْ يَتَجَاوَزْ صَرْفَ دِينَارٍ انْتَقَضَ الصَّرْفُ فِي دِينَارٍ وَاحِدٍ، وَصَحَّ سَائِرُ الصَّفْقَةِ، فَإِنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَكُونُ صَرْفُهُ أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ أَوْ دِينَارَيْنِ أَوْ دَنَانِيرَ: انْتَقَضَ الصَّرْفُ فِيمَا قَابَلَ مَا وَجَدَهُ فَإِنْ شَرَعَ الِانْتِقَاضُ فِي دِينَارٍ انْتَقَضَ ذَلِكَ الدِّينَارُ.

قَالَ عَلِيٌّ: لَيْتَ شِعْرِي أَيُّ دِينَارٍ هُوَ الَّذِي يُنْتَقَضُ، أَيُّهَا هُوَ الَّذِي لَا يُنْتَقَضُ؟ هَذَا بَيْعُ الْغَرَرِ، وَالْمَجْهُولِ وَأَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ.

ثُمَّ عَجَبٌ آخَرُ وَهُوَ إجَازَتُهُ بَعْضَ الصَّفْقَةِ دُونَ بَعْضِهَا وَإِبْطَالُهُ صَرْفَ جَمِيعِ الدِّينَارِ الَّذِي شَرَعَ الِانْتِقَاضُ فِي بَعْضِهِ وَهَذَا تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ، وَكِلَاهُمَا تَبْعِيضٌ لِمَا لَمْ يَتَرَاضَيَا بِتَبْعِيضِهِ فِي الْعَقْدِ، وَقَوْلٌ لَا نَعْلَمُهُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ.

وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الصَّرْفَ كُلَّهُ يُنْتَقَضُ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُسْتَبْدَلُ، كَقَوْلِ اللَّيْثِ وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَهَذَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ قَوْلَ صَاحِبَيْنِ، لَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

[مَسْأَلَة بَيْع تمر بتمر أجود مِنْهُ أَوْ أردأ مِنْهُ]

١٤٩٨ - مَسْأَلَةٌ:

وَمِنْ الْحَلَالِ الْمَحْضِ بَيْعُ مُدَّيْنِ مِنْ تَمْرٍ أَحَدُهُمَا جَيِّدٌ غَايَةً، وَالْآخَرُ رَدِيءٌ غَايَةً: بِمُدَّيْنِ مِنْ تَمْرٍ أَجْوَدَ مِنْهُمَا، أَوْ أَدْنَى مِنْهُمَا، أَوْ دُونَ الْجَيِّدِ مِنْهُمَا، وَفَوْقَ الرَّدِيءِ مِنْهُمَا، أَوْ مِثْلَ أَحَدِهِمَا، أَوْ بَعْضُهُمَا جَيِّدٌ وَالْبَعْضُ رَدِيءٌ كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ.

وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي دَنَانِيرَ بِدَنَانِيرَ، وَفِي دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ، وَقَمْحٍ بِقَمْحٍ، وَفِي شَعِيرٍ بِشَعِيرٍ، وَفِي مِلْحٍ بِمِلْحٍ وَلَا فَرْقَ، لِإِبَاحَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلِّ صِنْفٍ مِمَّا ذَكَرْنَا بِصِنْفِهِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، فِي الْمُكَايَلَةِ، فِي الْقَمْحِ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ وَالْمِلْحِ وَالْمُوَازَنَةِ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.

وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا الْقَعْنَبِيُّ أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يُحَدِّثُ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ حَدَّثَاهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى خَيْبَرَ فَقَدِمَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ قَالَ: لَا، وَاَللَّهِ يَا

<<  <  ج: ص:  >  >>